توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفاجآت نهاية عام

  مصر اليوم -

مفاجآت نهاية عام

بقلم : بكر عويضة

ترافق نهايات كل سنة، تقريباً، مفاجآت منها المثير للاستغراب، وفيها ما يكاد يُبكي الحجر لهول مأساة أصابت أناساً لم يتوقع أي منهم أن يودع العام بحزن يغتسل بالدموع، وبينها ما يفجّر ضحكات ذهول يصحبها، غالباً، التساؤل بدهشة: أمعقول هذا الذي نرى ونسمع؟ سياسياً، من أبرز مفاجآت نهاية العام المثيرة للاستغراب، قرار سيد البيت الأبيض، بشأن سحب قوات أميركية من سوريا تعدادها ألفا جندي، معظمهم من العناصر الخاصة. ذاك قرار يجوز أن يُضرب به المثلُ؛ خصوصاً من قِبل حلفاء أميركا وأصدقائها، على اختيار أسوأ الأوقات للتصرف بلا تشاور مع آخرين تعنيهم مباشرة تبعات ذلك الإجراء. بمفاجأته تلك، لم يثر الرئيس ترمب فقط استغراب الحلفاء والأصدقاء، بل أثار الاعتراض بين بعض كبار ساستها، ومنهم من فضل الانسحاب من إدارة يبدو أن شطط مفاجآتها لم يعد يُحتمل، وفي مقدمهم جيمس ماتيس، وزير الدفاع المشهود له ليس بالكفاءة العسكرية فحسب، بل كذلك بالثقافة وسعة المعرفة.
بيد أن المفاجأة الترمبية لم تكتف بمجرد الانسحاب من سوريا، إذ في حال صح ما أوردته «سي إن إن» عما سمته «تفاصيل» حديث هاتفي بين الرئيسين الأميركي والتركي، رجب طيب إردوغان، تضمنت تسليم الأول للثاني بأن «سوريا مِلكٌ لك»، إذا اتضح أن هذا الزعم صحيح، فسوف يكون من المثير للاهتمام معرفة ماذا سيكون رد الفعل الإيراني، وتأثير الخروج الأميركي؛ خصوصاً في منطقة منبج، على ميزان القوى عموماً، وتداعيات كل هذا الخلط في الأوراق، لاحقاً، على ما سينتهي إليه وضع سوريا، مأساة المآسي العربية في العشر سنوات الأخيرة. 
ثم إن مسلسل مفاجآت نهاية العام الترمبي تتواصل على نحو لافت للنظر. خذ، مثلاً، تقرير «نيويورك تايمز» الزاعم أن شكوك ترمب أوصلته إلى نوع من الاقتناع بأن الجميع من حوله «خانوه، وتخلوا عنه، ولديهم أجندة خفية». مؤلم، حقاً، على الأقل من جانب إنساني، الزعم أن تلك الشكوك تتجاوز الساسة والمستشارين، لتصل إلى الدائرة الأقرب للرئيس ترمب من غيرها، ومن ضمنها ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر. إذا صح هكذا ادعاء، وهو بالفعل مُستغرب، فإن في ذلك ما هو غير مريح لكل من لم يزل يستثمر بعضاً من رأسمال سياسي في سياسات الرئيس ترمب، سواء داخل أميركا، أو خارجها.
على المستوى الإنساني، رغم أن إندونيسيا وبعض دول جوارها معتادة على أعاصير الطبيعة وكوارثها، إلا أن تعرض سواحل مضيق سوندا لتسونامي أدى إلى مئات القتلى وآلاف الجرحى، كان بمثابة مفاجأة مؤلمة أتت بها نهاية العام فأثارت الفزع، وأبكت ذوي الضحايا، وخلّفت إحساس ألم حيثما يوجد شعور إنساني. أما القتل المروّع للسائحتين النرويجية لويسا فستراجر، والدنماركية مارين يولاند، في جبال الأطلسي، قرب إمليل في المغرب، فقد حمل مفاجأة توديع عام ميلادي بجبل حزن غير متوقع جثم على قلوب أفراد أسرتي السائحتين وأحبائهما، وكل ذي حِس إنساني. 
في المقابل، لم يكن غريباً أن يختلط إحساس الذهول بشيء من الضحك في بريطانيا إزاء تعرض مطار غاتويك للشلل بسبب عبث أناس استهواهم اللعب بتحليق طائرات «الدرون» فوق المجال الجوي لثاني أهم مطار بريطاني، ولم يجر القبض عليهم فوراً، وإزاحة شر عبثهم من طريق مسافرين أرادوا الالتحاق بأهليهم في الأعياد، أو قضاء إجازاتهم في أجواء دافئة.
ورغم أن مظاهرات السودان بدت مفاجأة؛ خصوصاً بعدما فاجأ الرئيس عمر البشير كثيرين بزيارته دمشق، لكن ليس مفاجئاً أن ينتفض غضب السودانيين بعد طول صبر على نكد الأوضاع ومصاعب الحياة اليومية للناس. معروف لكل متابع أن السوداني إذا راح يردد في المجالس أن «الحالة بطالة خلاص»، يكون استنفد كل إمكانات السكوت على وضع مُرٍّ ليس يلوح في الأفق حلوٌ آتٍ بعده. سمعتُ هكذا توصيفاً للأوضاع السودانية قبل انتفاضة سادس أبريل (نيسان) 1985 - عندما كنت موفداً من فؤاد مطر، أحد أوائل الكُتاب والصحافيين العرب الذين أولوا الشأن السوداني خاص الاهتمام، عندما كان ناشر مجلة «التضامن» ورئيس تحريرها - وهي انتفاضة أطاحت حكم المشير الرئيس جعفر نميري. ليس واضحاً، حتى الآن، إلى أين تمضي هذه الانتفاضة، لكن الرسالة شديدة الوضوح، ومهم أن يدركها كل من تعنيه. 
واضح كذلك أن نهايات الأعوام، كما البدايات، تحمل دائماً من المفاجآت كل ما هو غير متوقع. ترى ما المفاجئ المقبل مع عام 2019 المقبل؟

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاجآت نهاية عام مفاجآت نهاية عام



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt