توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تسوية «غزة أولاً»... ثم المنطقة

  مصر اليوم -

تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة

بقلم - بكر عويضة

 

استبق ياسر عرفات، إشهار «اتفاق غزة-أريحا»، ثم التوقيع عليه في القاهرة (4-5-1994)، فراح يمهد الطريق له بإطلاق عبارة «أريحا أولاً». سبب ذلك أن أحاديث وراء الكواليس، التي سبقت التوصل لاتفاق أوسلو (13-9-1993)، كانت تدور حول اقتصار تطبيق الحكم الذاتي على منطقة أريحا، بقصد ملاحظة هل سيتمكن أبو عمار من إحكام قبضة سلطته في تلك المنطقة أولاً، قبل الإقدام على توسيع دائرة نفوذها لتشمل قطاع غزة، ثم باقي مناطق الضفة الغربية. مبتسماً، كان أبو عمار، سيد التكتيك الفلسطيني بلا منازع، يردد أمام كاميرات الإعلام ما مضمونه أن الرجل أقام دولة في منطقة الفاكهاني ببيروت، فما المانع أن يُجرَّب أسلوبه في أريحا أولاً.

قياساً على مقولة «أريحا أولاً»، ربما يمكن القول إن تسوية قطاع غزة، بذريعة الرد على «طوفان الأقصى»، صارت المبرر القابل لأن يُسوَّق للعواصم المتحالفة مع تل أبيب أولاً، وللرأي العام العالمي ثانياً. المقصود بالتسوية هنا هو تسوية مدن القطاع بالتراب تماماً، بمعنى «FLATTENING IT»، حتى تصبح صعيداً جُرُزاً، ثم تُقطع أوصالها فتمسي جُزراً متناثرة. التعبير ليس من عندي، بل ردده غير مراقب ومتابع عن كثب لما وقع في القطاع من قصف ممنهج، وتدمير متواصل للمباني والأبراج. من هؤلاء، مثلاً، الصحافي والكاتب الأميركي كريس هيدجز، الذي نشر في الثالث من الشهر الحالي تقريراً تضمن ما خلاصته التالي: «عندما يقول غلاة المتطرفين الصهاينة إنهم يريدون مسح غزة عن سطح الأرض صدقوهم». وهناك أيضاً جوديث بتلر، اليهودية الأميركية، التي تُعد بين أبرز الفلاسفة المعاصرين، والتي حذرت في مقابلة مع «ديموكراسي ناو» من وجود «مخططات تهجير إسرائيلية للسكان ومسح غزة بأكملها»، وفقاً لما أورد موقع «بي بي سي» العربي.

حسناً، إذا تحقق ما سبق، عندئذ يمكن تصوّر أن يتوقف إطلاق النار، ويصمت دوي المدافع، ثم تُشرع النوافذ، وتُمهد الطريق، فتفتح الأبواب على مصاريعها لكي تولد تسوية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ومعه العربي طبعاً. تسوية من نوع التسويات السياسية الحاسم بشكل نهائي -كما في المصطلح الغربي «Once And For All»، على غرار اتفاق وقف الحرب العالمية الأولى (11-11-1918)، المحتفى به يوم الأحد الماضي. الأرجح أن تسوية كهذه لن يقف أمامها عائق يمكنه إحباطها، وسوف تسمح بإعادة رسم خرائط منطقة شرق أوسط جديدة، كما تراها أطراف دولية تقبض على مفاتيح اتخاذ القرار الدولي. بالطبع، كي يكتمل المشهد لحظة العرض أمام الجماهير، سوف تؤخذ في الاعتبار بضع نقاط قيل إنها «شروط» بعض الأطراف لإتمام الصفقة، فيما يدرك كثيرون أنها فقط تريد إنقاذ ماء الوجه. ساعتها، سوف تُطلق إشارات الانطلاق في إعادة إعمار قطاع غزة، ويبدأ إنفاق مليارات، كي تنهض العمارات، من جديد، وتخضر الحدائق، كما لو أنها لم تُحرق أساساً.

واضح أن مخططاً ما سبق الذي وقع مساء السابع من الشهر الماضي. والأرجح أن خللاً ما أوقع ارتباكاً في التفاصيل والعواقب. سوف يمضي وقت طويل جداً قبل أن تتضح حقائق كاشفة لأسرار مخيفة لم تزل وراء الستار. يبقى القول إن مفاجأة التعديل الوزاري في حكومة ريشي سوناك الاثنين الماضي، ليست بعيدة كثيراً عن هذا السياق. المفاجأة الكبرى هي تعيين ديفيد كاميرون في موقع وزير الخارجية. صحيح أن قبول رئيس وزراء سابق منصب وزير في حكومة لاحقة ليس غريباً على الديمقراطيات الغربية عموماً، لكن تسلم كاميرون حقيبة الخارجية تحديداً، وهو الخبير في المنطقة العربية عموماً، وفي هذه المرحلة غير العادية إطلاقاً، ينبئ بأكثر من تطور مهم مقبل. عما قريب يتضح الجواب عن أكثر من سؤال، أو الأصح أن هذا هو الذي نأمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt