توقيت القاهرة المحلي 08:23:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة... «أم أبطال» عربية

  مصر اليوم -

غزة «أم أبطال» عربية

بقلم - بكر عويضة

 

تختلف الرؤى حول شأنين، أسباب اندلاع حرب غزة، ثم المآل الذي سوف تنتهي إليه. في المقابل، يتفق المختلفون، على أمرين، أولهما أن أهوال هذه الحرب لم يسبق لها مثيل فعلاً. وثانيهما أنها ستتوقف ذات يوم، إذ لن تشذ عن غيرها من كل حرب شهدها كوكب الأرض، بين بني البشر من مختلف الأجناس والأعراق والثقافات، منذ عرف الإنسان صراع البقاء، فخاض مُرَّ الحروب ضد أشرس الحيوانات في أدغال الغابات، إلى أن تفتق الذهن البشري ذاته عن اختراع السلاح النووي. بكل تأكيد، حرب غزة مآلها أن تتوقف، سواء بقنبلة المتطرف عميحاي إلياهو النووية، أو بغيرها.

وافق أمس مرور أول شهر على زلزال السابع من الشهر الماضي. وفيما كنت أكتب، مساء الاثنين، التزاماً بموعد تسليم المقال للصحيفة، رحتُ أستحضر ما تبث قنوات التلفزيون العالمية عن استكمال تحضيرات الالتفاف التام حول مدينة غزة، وفصل جنوب القطاع تماماً عن الشمال، إضافة إلى كلام عميحاي إلياهو، الواضح أنه أحد مجانين التطرف، فوجدتني أخشى، فعلاً، ألا يكون ذلك الجنون مجرد عبث، وأن غزة قد تمسي، أو ربما هي مع نشر المقال، تكون أصبحت بالفعل، هيروشيما فلسطينية، يختم بها بنيامين نتنياهو، حياته السياسية منفذاً «الخيار الشمشوني» الوارد في أسفارهم القديمة؛ «عليَّ وعلى أعدائي يا رب». عجباً، أترانا أمام مشهد يستحضر انتقام شمشون الجبار، الذي زُعِم أنه مدفون في غزة، من «دليلة»، التي يُقال إنها من غزة أيضاً، والتي احتالت على ذلك المتجبّر، فقصت شعره، مكمن قوته، ولما نبت شعر رأسه من جديد، سارع إلى هدم المعبد على نفسه، وعلى أعدائه من قدماء الفلسطينيين؟

كل شيء ممكن. ليس من منطلق التسليم بما هو أقرب إلى الخيال، ويستعصي على الخضوع لأي منطق، كلا، وإنما انطلاقاً من حقيقة أننا أمام واقع متغير على نحو متسارع، يصعب معه على أكثر المحللين اجتهاداً توقع التطور المقبل، في واقع يتغير كل لحظة. أمام حال كهذا، ما المانع أن أرجع إلى ماضٍ ليس بعيداً بُعد أسطورة «شمشون ودليلة»، بل إلى أيام صباي في قطاع غزة. كنت ابن تسع سنين، عندما وقع كل القطاع تحت الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب أزمة السويس عام 1956. رغم صغر السن، لم يكن صعباً عليَّ، وكذلك أترابي في العمر، إدراك أن الاحتلال إلى زوال. كنا ندرك أن العمق العربي كله معنا. راجت بيننا أهزوجة آنذاك تعبر عن ذلك الإحساس جيداً. رحنا نردد: «غزة يا عربية يا أم الأبطال، ما تخافي مهما عذابك يا روحي طال، وراكِ سعود والقوتلي وحسين وجمال». أنظر، كيف تجمع أهزوجة عفوية زعماء السعودية وسوريا والأردن ومصر، رغم ما بينهم من اختلافات، يومذاك، كي يقفوا مع غزة وشعبها.

ذات فجر من أيام الاحتلال، صحا الناس على مآذن الجوامع تكبر تكبيرات ابتهال أن ينتقم الله من الظالم المعتدي، بعدما سُمع بكاء ونحيب طفلين في أحد البيوت، فلما هرع الجيران إلى منزل صلاح اللبابيدي، وجدوا طفليه عوني وتحفة، مضرجين بدماء والديهما. كان صلاح شاباً من شبان مقاومة الاحتلال، اقتحموا بيته، ثم حاولوا اغتصاب زوجته، فصدهم عنها بذراعيه، وكل ما أوتي من قوة، قتلوه، ثم كرروا إثم محاولتهم معها، فقاتلتهم بأظافيرها، حتى قتلوها. لستُ أدري أين هما، عوني وتحفة، الآن، لكنني أعلم أن والديهما الشهيدين لم يكونا منتميين لأي تنظيم، ولا كان أطفال مجزرة «قانا» في لبنان، أو «بحر البقر» في مصر، منتمين لأي فصيل يهدد أمن إسرائيل. الخلاصة، يبدو أن «حق الدفاع عن النفس»، يمنح إسرائيل صك القتل بلا تفريق بين مقاتل وطفل أو عجوز.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة «أم أبطال» عربية غزة «أم أبطال» عربية



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon