توقيت القاهرة المحلي 21:48:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ترويض» غزة... والمنطقة

  مصر اليوم -

«ترويض» غزة والمنطقة

بقلم - فاتنة الدجاني

ماذا عسانا نفعل لغزة، ولسكانها الذين يدقون على جدران الخزان؟

غزة... السجن المزدحم بكثافة سكانية هي الأعلى في العالم، ومشاكل تتناسل... مرجلٌ يغلي بما فيه منذ سنين، وما كان لتسعير النار تحته بالحرب وقصف الطيران والمدفعية الإسرائيليين، أو رشقات الصواريخ من المقاومة الفلسطينية، أن يزيد من هذا الغليان أو ينتقص، كما أن الهدنات لا تغيّر في الواقع شيئاً، فلا هي تفك الحصار، ولا تفتح المعابر.

غزة... توترٌ يشدُّ انتباه العالم، ودقاتُ قلوب مسموعةٌ تخفق بقوة خوفاً من اندلاع حرب إسرائيلية أو من اجتياح كبير. يستتبع ذلك حديثُ تهدئة معطوفٌ على تفاهمات هدنة محتملة بين «حماس» وإسرائيل. ويسبقه تزايد الضغوط الدولية، بإشراف مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف، لفرض حل «إنساني» مشروط بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، ومحمّلٍ بوعود اقتصادية وردية، مثل فتح المعابر وإنشاء ميناء ومطار ومشاريع تحلية مياه في غزة. وهذا ليس بالأمر السيء، خصوصاً إنْ تقاطع أو تناغم مع مساندة مصرية للارتقاء بـ «الإنساني» إلى السياسي، باستكمال المصالحة بين السلطة و «حماس».

فجأة، يُعاد المشهد إلى بدايته الدرامية. في المصالحة كما في التهدئة.

لا تفيد تصريحات السلطة أو «حماس» في فهم ما يحصل في «لعبة» المفاوضات الطويلة لإنهاء الانقسام. الغموض هو ورقة الطرفين. ولا يصل إلى مدارك الناس سوى المزايدات وكَيـل الاتهامات المتبادلة، وتحميل الطرف الآخر المسؤولية عما يحصل، أو تحميلها للاحتلال، ليس من قبيل الالتحام الوطني في مواجهته، بل للهرب من المحاسبة الدقيقة للمسؤولية الذاتية للطرفين.

والوضع ليس أفضل حالاً على جبهة التهدئة، فبعدما أصبح الاتفاق قاب قوسين أو أدنى، أربكت شروطٌ مستجدة فرضتها حكومة الاحتلال، كعادتها، المساعي المبذولة، لتحاول تحصيل أكبر مكاسب ممكنة، وليعود التصعيد والقصف المتبادل، ومعهما محاولة «ترويض» غزة. أما الرأي العام الإسرائيلي، فيمتلك الوضوح في أهداف ما يحصل، من مناورات وتوترات عسكرية وتفاهمات «موهومة» مع «حماس»، في مسعى إلى ترسيخ قوة الحركة كقوة حاكمة على حساب السلطة، من دون أن تدفع إسرائيل أي ثمن سياسي للهدنة أو لتخفيف الحصار.

تُطرح الهدنة الآن في مقابل تخفيف الحصار لا رفعه. وتخفيفه لا يعني العودة إلى الوضع الذي كان عليه قبل الانقسام الوطني منتصف عام 2007، كما تريد «حماس»، ولا حتى ما قبل حرب عام 2014، بل تصر إسرائيل على العودة إلى ما قبل «مسيرات العودة» والبالونات الحارقة. أما ثمن تخفيف الحصار، فيدفعه المجتمع الدولي عبر تمويل برنامج الإنقاذ الإنساني لغزة.

من المفيد التذكير بأن دولة الاحتلال التي رفضت هذا الأسبوع خطة أوروبية لربط الضفة الغربية بغزة عبر سكة حديد وإقامة بنية تحتية اقتصادية قوية فيهما للعقدين المقبلين، هي مَن يؤيد الإجراءات المصرية بفتح معبر رفح، ومن يناور بالمفاوضات مع «حماس»، ومن يسعى إلى فصل الضفة وتحميل الأردن مسؤولية ما تبقى بعد الضم والقضم.

ولا يوحي الحديث إسرائيلياً عن مستقبل غزة بأنه جزء من «صفقة القرن». هذه لم تعد مطروحة. ليس بسبب «مسيرات العودة» في غزة فقط، بل أيضاً بسبب رفض السلطة لها، ولأن الموافقة العربية عليها توقفت عند حدود الرفض أو الصمت. ثم ما معنى «صفقة القرن» لإسرائيل بعدما حصلت على النتائج والمردود سلفاً؟

وإن كان الحل «الحمساوي» المنفرد يُراهن مخطئاً على رأي عام شعبوي مستاء من سوء إدارة السلطة مسألة حصار غزة، فإن حقيقة قناعات أبناء غزة لا تمنح عذراً لـ «حماس». لكن المسألة لا تتأثر بالرأي الشعبي العام، بل بقوانين التجاذبات والتناقضات الإقليمية والدولية التي تحاول حلّ نفسها على أرض غزة، وفيها تجد إسرائيل نفسها الفائز الوحيد الذي لا يدفع أي ثمن سياسي.

وإذا كانت غزة منعقد هذه التقاطعات، فإن «ترويض» القطاع هو جزء من «ترويض» الإقليم كذلك.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ترويض» غزة والمنطقة «ترويض» غزة والمنطقة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 08:00 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثامن يدفعك لتحقق مكاسب وفوائد

GMT 11:11 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

قمة "كوكب واحد" تكرس ماكرون رئيسًا لـ"معركة المناخ"

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 16:21 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ليفربول يودع جورجينيو فينالدوم برسالة مؤثرة

GMT 10:19 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

3 قلوب ينبض بها عطر "أورا" الجديد من "موغلر"

GMT 09:59 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مجدي بدران ينصح مرضى حساسية الأنف بعدم الخروج من المنزل

GMT 03:10 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الجلود في المغرب أصالة تبقى مع مرور السنوات

GMT 16:04 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر صحفي للشركة صاحبة حقوق بيع تذاكر المونديال

GMT 00:34 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مهاجم ليرس البلجيكي يطلب فرصة مع منتخب مصر

GMT 18:49 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر يونايتد يعرض 50 مليون إسترليني لضم "بيل"

GMT 06:32 2015 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل السيفيتشي بالسلمون

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار البنا حكمًا لمباراة فريقي "الرجاء" و"دجلة"

GMT 23:41 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

فوائد فاكهة التنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon