توقيت القاهرة المحلي 23:26:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحياة بـ«اللسان»

  مصر اليوم -

الحياة بـ«اللسان»

بقلم : د. محمود خليل

ليس هناك أى مبرر للانتحار، فمهما ضاقت سبل العيش بالإنسان، ومهما بلغ به اليأس من البشر المحيطين به، فعليه أن يعلم أن رحمة الله قريب. خلال الأشهر الأخيرة تعددت وقائع الانتحار خصوصاً تحت عجلات المترو. آخرها واقعة انتحار سيدة (32 سنة) مطلقة ولديها 4 أطفال بسبب مرورها بضائقة مالية. تبرير الانتحار بالعوز المادى والحاجة إلى المال ينطوى على قدر كبير من الاستسهال. الفقر آخر سبب يمكن أن نفسر به إقدام شخص على إزهاق روحه. فالمعاناة المادية عامل مشترك بين البشر على محورى الجغرافيا والتاريخ. فهو موجود فى كل مكان. كما أنه كان موجوداً فى الماضى ولم يزل فى الحاضر وسوف يظل فى المستقبل.

شىء ما تغير فى هذا المجتمع وثقافته أدى إلى هذا التكرار لحوادث الانتحار. يمكن أن يكون الثقافة الإيمانية، أو يكون فى تراجع قيمة التكافل، أو سقوط قيمة التراحم بين أفراد المجتمع المصرى. نوصف دائماً بأننا شعب متدين، لكن شواهد عديدة تقول إن تديننا شكلى أو بالأدق «لسانى» فنحن أكثر شعب فى الدنيا يتحرك لسانه بذكر الله والحلف به (سبحانه وتعالى)وتقديم مشيئته على كل مشيئة، لكن قليلاً مَن وصل الإيمان إلى قلوبهم وتمكن من مشاعرهم ونظرتهم إلى الحياة والأحياء. للحسين بن على (رضى الله عنهما) قول شهير يصف به وضعية البشر من هذا النوع، يقول فيه: «الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يدارونه ما دارت معايشهم.. فإذا مُحصوا بالبلاء قل الديانون». فهل تفوقت عبادة الدنيا على عبادة الله لدينا؟

تأمل قول الله تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً».

تراجع قيمة التكافل من الأسباب الثابتة التى تكدر حياة المصريين فى أى زمان. قيمة التكافل واحدة من العوامل المهمة التى حفظت لهذا المجتمع توازنه خلال حقب متنوعة من تاريخه. التكافل بين أفراد العائلة الواحدة، وبين الجيران والأصدقاء والأقرباء. أخشى أن أقول إن الطبقة الوسطى -رمانة الميزان فى ثبات أو اهتزاز مبدأ التكافل- انصرفت عنه خلال السنوات الأخيرة. قد يكون لهذه الطبقة عذرها بسبب الغلاء المعيشى، لكن ذلك يجب ألا يؤدى إلى المصادرة الكاملة على هذه القيمة التى ظل كثيرون من أفراد هذه الطبقة مخلصين لها. فى الحديث النبوى: «لا تحقرن من المعروف شيئاً».

سقوط قيمة التراحم سبب آخر جوهرى من أسباب الانتحار، فغيابها يؤدى إلى تسمم حياة البشر. السيدة التى انتحرت مؤخراً تحت عجلات المترو لم تجد زوجاً يرحمها أو يرحم أولاده، لم تجد بين أفراد البيت الذى خرجت منه من يتعاطف مع مأساتها ومأساة أطفالها. حاصرها الجميع بالهم والغم والكرب العظيم فاهتزت نفسيتها وسقطت قيمة الحياة فى نظرها ففعلت ما فعلت. «التراحم» -مثله مثل التكافل- ثقافة، أساسها وجود القدوة. ويبدو أن القدوة الطيبة لم يعد لها وجود فاعل فى حياة المصريين. وذلك خطر أعظم من أى خطر.

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة بـ«اللسان» الحياة بـ«اللسان»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:33 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

تن هاغ يثني على جماهير يونايتد بعد خسارة بالاس
  مصر اليوم - تن هاغ يثني على جماهير يونايتد بعد خسارة بالاس

GMT 00:46 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات طبيعية للشعر بمفعول الكيراتين

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإفتاء المصرية تؤكد أن إنفاق المرأة فضل منها

GMT 14:21 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فلنتعلم من الطبيعة

GMT 22:24 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف حسم ريال مدريد صفقة ديفيد ألابا مجانًا

GMT 05:05 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بدء طرح كراسات شروط الإسكان الاجتماعي في مصر الأحد

GMT 18:08 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

رسميًا واتفورد يقيل فلوريس سانشيز من تدريب الفريق
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon