توقيت القاهرة المحلي 05:36:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأسرة البديلة»

  مصر اليوم -

«الأسرة البديلة»

بقلم: د. محمود خليل

«الأسرة البديلة» حالة أفلحت جماعة الإخوان فى خلقها داخل المجتمع المصرى، حين جعلت من «الأسرة الإخوانية» بديلاً للأسرة البيولوجية. تعلم أن الجماعة تهوى التحرك داخل البيئات الاجتماعية المخلخلة لتستقطب أتباعها. شباب كثر يعانون من مشكلات أسرية متنوعة، هناك من يخنقه سوء التربية، ومن يخنقه ضيق المكان الذى يعيش فيه، ومن تخنقه الظروف الاقتصادية الصعبة. بين هؤلاء وغيرهم تجد جماعة الإخوان صيدها، وتستطيع أن تحقق غاياتها فى تدجين الشباب داخل المجموعات الإخوانية التى تصبح بمرور الوقت أسرة بديلة يشد أعضاءها رباط وثيق يفصلهم عن أسرهم التقليدية. وعادة ما يجد العضو داخل الأسرة الإخوانية البديلة قدراً كبيراً من الدفء المفتقد فى الأسرة البيولوجية، حين يعيش الأنس بين أترابه، ويجد كباراً يسمعون مشاكله، ويحاولون تفهمها، ويساعدونه فى حلها. ولا يفعل كبار الجماعة ذلك عطفاً أو إدراكاً لمشاكل يعانى منها الشباب داخل الأسر التقليدية، فالمسألة لا تعدو الاستثمار المنظم للظروف الصعبة التى يعيشها بعض الأفراد، لكى يتم فصلهم شيئاً فشيئاً عن الأسر التقليدية، والتى مهما قست عليه بسبب قسوة ما تعانيه من ظروف، ومهما حاول الفرد الهروب من زخم ما تورثه له من مشكلات، فإن ذلك لا يمكن أن يمحو بحال رابطة الانتماء المؤسس على الدم الذى يربطه بها، وذلك ما تبغى الجماعة تذويبه من خلال جعل الأسرة البديلة أساس الانتماء، وهى تُنظّر لهذا الأمر تحت عنوان «المفاصلة».

يرى الإخوانى «منير الغضبان» -صاحب كتاب المنهج الحركى للسيرة النبوية- أن الإسلام مر بمرحلتين: المرحلة المكية التى تواصلت لثلاثة عشر عاماً، وهى مرحلة تربية الكوادر على أصول وقيم وقواعد التصور العقائدى للإسلام، والمرحلة المدنية التى امتد عمرها إلى عشر سنوات، وهى مرحلة بناء الدولة. وفى سبيل تعميق مسألة «المفاصلة» داخل نفوس المنضمين لجماعة الإخوان يسعى كبارها إلى تكريس عدد من الأفكار، مثل: الحرب خدعة، والكذب على العدو جائز، والاغتيال السياسى يجوز فى بعض الأحوال كما فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) مع «كعب بن الأشرف»، وأن المسلم يصح أن يتحامى فى كافر، كما فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) عندما رفض المشركون دخوله مكة، بعد رحلته الحزينة إلى الطائف وصد الناس له، فدخل فى جوار مشرك، وقس على ذلك الكثير من الأفكار الأخرى التى تخلق لدى العضو رؤية تنظيمية واضحة المعالم.

وقمة الاختبار فى موضوع «المفاصلة» أن يجعل العضو أسرته الإخوانية «البديلة» أسرته الحقيقية، وأن يقطع خط التواصل مع أسرته البيولوجية. وأكثر ما يساعد الإخوان على النجاح فى ذلك حالة التزاحم التى تعانى منها الأسر فى البيوت والتى تخلق بيئة يمكن وصفها بـ«البيئة الطاردة»، فيبدأ الأبناء فى الانفلات إلى أى مكان آخر أرحب، وإلى كيانات قادرة على الاحتواء، وللأسف ترحب بعض «الأسرة الأصيلة» بهجرة الأبناء إلى «الأسرة البديلة»، لما لذلك من دور فى تخفيف حمولة السفينة التى تنوء بمن يعتلى سطحها. وبمرور الوقت تصبح الأسرة البيولوجية مجرد وهم وتكوين هلامى لا يشكل بالنسبة لعضو الإخوان شيئاً، وينسج «عنكبوت» الأسرة «البديلة» خيوطه حوله. وفى اللحظة التى يستسهل فيها الفرد تقطيع وشائج صلته بالأسرة التى يرتبط بها بصلة الدم، فإن زهده فى فكرة الانتماء للأرض التى أنجبته يزداد، فكما تحل الأسرة الإخوانية البديلة محل الأسرة البيولوجية، تحل «الجماعة» محل «الوطن».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأسرة البديلة» «الأسرة البديلة»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الإطلالات البراقة اختيارات نانسي عجرم في المناسبات

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 05:36 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

إنكلترا تطلق تجربة أول لقاح للسرطان في العالم
  مصر اليوم - إنكلترا تطلق تجربة أول لقاح للسرطان في العالم

GMT 16:25 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

عُطل في خدمات "أخبار غوغل" في أنحاء العالم
  مصر اليوم - عُطل في خدمات أخبار غوغل في أنحاء العالم

GMT 23:49 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

مي عمر تؤكد استمتاعها بالعمل مع أحمد السقا

GMT 08:52 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

الفنان رامي عياش يتعرض لـ"خيانة" ويرد بـ"حِكمة"

GMT 07:46 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

حدائق منزلية صغيرة خارجية في ملكيات المشاهير

GMT 15:00 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

"مان سيتي" يعود لصدارة الدوري بعد "سداسية" تشيلسي

GMT 12:37 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة تحضير فطيرة بالليمون الحامض والشوكولاتة

GMT 22:38 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونخ يخطط لخطف نجم دورتموند

GMT 16:46 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخص خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في الجيزة

GMT 02:43 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 00:45 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو دياب يصرح بأن تركي آل الشيخ "رمز" من رموز الثقافة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon