توقيت القاهرة المحلي 05:36:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يريدونه «إسلامياً»!

  مصر اليوم -

يريدونه «إسلامياً»

بقلم: د. محمود خليل

التقيت بعمر التلمسانى -رحمه الله- مرة أخرى عام 1984، وسألته عن نية الإخوان دخول انتخابات مجلس الشعب، التى أزمعت الدولة تنظيمها فى العام نفسه، وهل ستخوضها بالتحالف مع حزب الوفد أم لا؟. أذكر أنه لم يُجبنى إجابة واضحة، بل وظّف قدراته الخاصة فى المراوغة، وقال إن قيادات الجماعة تتّخذ القرارات التى ترى أنها تفيد الدعوة، فإذا كان دخول الانتخابات مفيداً على هذا المستوى، فسوف تنافس الجماعة فيها، وإذا لم يكن فلن تشارك. سألته أيضاً عن تمسّك شباب الإخوان بالسنن الشكلية، مثل اللحية والجلباب، فأجابنى بأن المهم بالنسبة للمسلم دائماً أن يكون نظيفاً، حسن الهيئة، وأن النبى، صلى الله عليه وسلم، كان شديد الحرص على مظهره، وكان يحمل معه دائماً «المكحلة» و«المسواك». سألته عما تريده الجماعة من المجتمع المصرى، فقال: نريده «إسلامياً!»، والمجتمع المسلم يقوم على الفرد المسلم والأسرة المسلمة، وكانت تلك هى المعادلة الخالدة التى يستند إليها الإخوان فى إحداث التغيير.

وهى معادلة قد تبدو براقة فى ظاهرها، لكننا إذا أخضعناها للفحص والتمحيص فسوف تجد الفراغ يسكن العديد من نواحيها، فعبارة (الأخ المسلم.. فالأسرة المسلمة.. فالمجتمع المسلم) تفترض ابتداءً أن المجتمع المصرى غير مسلم، ولو أنك قلت لواحد من الإخوان إن تلك هى نظرتهم للمجتمع، فسوف ينفى ذلك بشدة، فالجماعة تُشدّد باستمرار على أنها لا تكفّر مخالفيها، وقد تكون هذه الفكرة صحيحة وهى تتسكع فوق سطح عقل قائلها، لكنك إذا تعمّقت أكثر فى هذا العقل، فسوف تجد أنه يكفر من عداه، بسبب وجود خلط أساسى داخل الإخوان بين مفهوم الدعوة ومفهوم الإسلام. فالإسلام فى عقول هؤلاء يتم اختزاله فى الدعوة الإخوانية والفكر الإخوانى، لأن الفهم الذى قدّمه «البنا» للإسلام هو الفهم الحقيقى، وما عداه باطل، وبالتالى ينظر العقل العميق لأفراد الإخوان إلى من ينكر عليهم أفكارهم أو مجموعة المرتكزات التى قامت عليها دعوتهم، على أنه منكر للإسلام، وإلا فكيف نفهم معادلة الجماعة فى بناء ما يُطلق عليه «الأخ المسلم» داخل أسرها وشعبها، إلا من خلال تقييمه كشخص مارق أو عبد آبق تعيده «الإخوان» ثانية إلى حظيرة الدين.

أما جانب السذاجة فى هذه المعادلة الإخوانية الخالدة، فيرتبط بالنظرة الحسابية إلى مسألة التغيير، فالفرد المسلم هو أصغر قيمة فى المعادلة، ومن مجموع الأفراد تتكون الأسر، ومن مجموع الأسر يتكون المجتمع. كلام قد يبدو جيداً على المستوى النظرى، لكنه متهافت على مستوى الواقع. ولعل أسطع دليل على ذلك هو فشل بعض كبار القيادات الإخوانية حالياً فى دفع أبنائهم الذين خرجوا من أصلابهم إلى تمثُّل سلوكهم أو الإيمان بمعتقداتهم وأفكارهم. فها هو فلان لا يستطيع أن يقنع ابنته أو زوجة ولده بالحجاب، وها هو «علان» لا يستطيع إقناع أبنائه بإطلاق اللحية. وعندما تكون عاجزاً عن تربية ابنك الذى نبت من جسدك على ما تريد من تصورات، فمؤكد أنك سوف تكون أعجز عن تلقين سواه هذه التصورات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يريدونه «إسلامياً» يريدونه «إسلامياً»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الإطلالات البراقة اختيارات نانسي عجرم في المناسبات

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 05:36 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

إنكلترا تطلق تجربة أول لقاح للسرطان في العالم
  مصر اليوم - إنكلترا تطلق تجربة أول لقاح للسرطان في العالم

GMT 16:25 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

عُطل في خدمات "أخبار غوغل" في أنحاء العالم
  مصر اليوم - عُطل في خدمات أخبار غوغل في أنحاء العالم

GMT 23:49 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

مي عمر تؤكد استمتاعها بالعمل مع أحمد السقا

GMT 08:52 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

الفنان رامي عياش يتعرض لـ"خيانة" ويرد بـ"حِكمة"

GMT 07:46 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

حدائق منزلية صغيرة خارجية في ملكيات المشاهير

GMT 15:00 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

"مان سيتي" يعود لصدارة الدوري بعد "سداسية" تشيلسي

GMT 12:37 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة تحضير فطيرة بالليمون الحامض والشوكولاتة

GMT 22:38 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونخ يخطط لخطف نجم دورتموند

GMT 16:46 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخص خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في الجيزة

GMT 02:43 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 00:45 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو دياب يصرح بأن تركي آل الشيخ "رمز" من رموز الثقافة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon