توقيت القاهرة المحلي 21:37:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صرخة «امرأة»

  مصر اليوم -

صرخة «امرأة»

بقلم: د. محمود خليل

منذ اللحظة الأولى التى يقف فيها أى متأمل أمام رحلة حياة السيدة زينب بنت على، رضى الله عنها، سوف يسيطر عليه شعور بأنه أمام شخصية غير عادية، شخصية امرأة جمعت بين الصلابة والرقة، والثبات والجزع، والكفاح والهدوء.

المتأمل لحياة عقيلة بنى هاشم يجد نفسه بصدد شخصية لعبت دوراً فارقاً فى تاريخ الإسلام، وتمكّنت فى لحظة تاريخية مأساوية من حفظ النسل النبوى، نسل محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم.

وحول هذا النسل تحلقت واحدة من كبرى الفرق الإسلامية، بل قُل تحلق نصف المسلمين، الذين انقسموا إلى معسكرين، معسكر الشيعة الذين انحازوا إلى حق أهل بيت النبى فى خلافته، ومعسكر أهل السنة الذين مالوا إلى ما حققته الدولة الأموية والخلافة السنية من استقرار فى ديار المسلمين، ومثلت حالة صارخة من حالات تسخير الدين لخدمة أهداف سياسية.

رحلة طويلة خاضتها عقيلة بنى هاشم منذ عام 6هـ، حتى توفاها الله عام 62هـ. رحلة جللتها الأحزان والنزوح من قطر إلى قطر والسفر من مكان إلى مكان، حتى استقر بها المقام فى مصر، حيث التف حولها أهلها، فواسوها وواستهم، ووجدوا فيها ملاذاً من ظلم بنى أمية، وركناً ركيناً يأوون إليه فى الشدائد، ونسمة كريمة من نسمات أهل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، اختص بها الله تعالى مصر، دون غيرها من بلاد المسلمين.

أطلق المصريون وصف «رئيسة الديوان» على السيدة زينب وقالوا إن الحكام يجتمعون عندها، ولا يستطيع أحدهم أن يتّخذ قراراً دون مشورتها، فلجأوا إليها بشكاواهم، خصوصاً ضعافهم الذين لقبوها بـ«أم العواجز».

وحتى يوم الناس هذا لم يزل المصريون يهرعون إلى مقامها الطاهر، يشكون إليها ضعف الحال وقلة الحيلة، يناجونها بآلامهم وأحزانهم، وما أكثر ما تكون الشكوى والمناجاة وسيلة لتخفيف الآلام عن النفس.

فى كل عام يفِد إلى مقامها المصريون من كل فج بأرض المحروسة، احتفالاً بالذكرى العطرة لمولدها. ذكرى «الوليدة السعيدة» التى سماها النبى، صلى الله عليه وسلم، «زينب»، وشاء الله أن تكون رحلة حياتها بحراً من الأحزان.

فى اللحظة التى صرخت فيها السيدة زينب: «ليت السماء تقع على الأرض»، وهى ترى مصرع الحسين فى كربلاء بدأت المأساة الكبرى.

تمنّت العطوف الرحيمة لو قامت القيامة، لو زُلزلت الأرض زلزالها، وانطبقت السماء على الأرض فمحت ما عليها.

إنها الرغبة فى التدمير التى تعترى النفس البشرية وهى تعيش أعمق لحظات ضعفها، وأشد حالات يأسها وعجزها عن حماية من تحب.

لم تقع السماء على الأرض وقتها، بل ظلت فى مكانها، لكن الصرخة ظلت باقية قادرة على العبور من جيل إلى جيل، وبمرور الزمن تلقفها الشيعة، فخاضوا حرباً شرسة ضد مسلمين أمثالهم من أهل السنة، وانخرط السنة فى حروب مريرة ضد الشيعة وفكر الشيعة.

وهى حروب لم تزل باقية حتى اليوم تدمر فى طريقها الإنسان والمكان، وهى فى كل الأحوال تُترجم صرخة السيدة زينب فى كربلاء وهى تقول «ليت السماء تقع على الأرض».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صرخة «امرأة» صرخة «امرأة»



GMT 20:15 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بعد 200 يوم.. حرب بلا رؤية

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

«باش جراح» المحروسة

GMT 19:37 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

مصر والكويت.. انقشاع الغبار

GMT 19:35 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

بين أفول نظام دولي وميلاد آخر.. سنوات صعبة

GMT 19:33 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أزمة الضمير الرياضي

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:14 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
  مصر اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 18:07 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"لامبورغيني" تفتتح صالة مؤقّتة في الدوحة حتى منتصف ديسمبر

GMT 11:02 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

دور الاستثمار العقاري الخارجي في التنمية الاقتصادية

GMT 11:19 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

دار "اسكادا" تعلن عن عطرها الجديد "سيلبريت ناو"

GMT 23:36 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

هدى حسين تسعى للخروج عن الموضوعات المكرّرة

GMT 18:23 2022 الثلاثاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ممارسة الرياضة صباحًا هي الأفضل لصحة القلب والأوعية الدموية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon