توقيت القاهرة المحلي 17:18:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغباء «الاصطناعى»

  مصر اليوم -

الغباء «الاصطناعى»

بقلم: د. محمود خليل

التنامى فى موقع أى تكنولوجيا جديدة على خريطة الحياة يؤدى إلى تغيير موازٍ فى أنماط وأساليب الحياة وسلوكيات البشر.

استجدت سلوكيات جديدة بعد أن أصبحت تكنولوجيا التواصل الاجتماعى جزءاً لا يتجزأ من حياة البشر المعاصرين. جوهر هذه السلوكيات يتمثل فى البحث عن «التريند» أو «الترافيك» ومجموعة التحابيش المرتبطة باللايك والكومنت واللاف وعناصر الإيموشن المختلفة.

التريند أصبح مصدر الشهرة الأكيد لصاحبه. وأدواته وسبل تحقيقه معروفة، فبقدر ما تكون غريباً عجيباً شاذاً غير طبيعى بإمكانك أن تستجلب جمهور الواقع الافتراضى ليتحلقوا حول فيديو وضعته أو حدث يرتبط بك أو موضوع مثير تمكنت من اختراعه.

أمثلة جديدة وعديدة يمكن أن تحصل عليها بمجرد ما تضع نظرك على مواقع التواصل.

فتاة تسجل فيديو تطلب فيه عريساً بعد أن مضى بها العمر وبلغت الثانية والثلاثين من عمرها.

سيدة تقدم فيديو تدعو فيه كل زوجة عاقلة إلى اختيار زوجة ثانية لزوجها.. وتقول ما المانع فى أن تفعل الزوجة ذلك فهذا حق الرجل؟.

مقرئ قرآن يصرح بأنه رأى نفسه يصعد إلى السماء السابعة ويرى الله تعالى رأى العين فى المنام.

داعية دينى راسخ فى علوم الدعوة والقرآن يخرج ويقول: «مفيش حاجة اسمها خدوهم فقرا يغنيكم ربنا».

من حق أبطال هذه الأمثلة وغيرها أن يقولوا ما يريدون ويرددوا ما يشاءون، ولست أخطّئ أو أصوّب ما يطرحونه من أفكار، لكننى فقط أقدمها كأمثلة على نوعية الأفكار التى أصبح البعض يحرص على تعبئتها على مواقع التواصل الاجتماعى.

هذه الأفكار تتشارك فى الغرابة والشذوذ عما هو متفق عليه اجتماعياً فى الكثير من الأحوال، ليصبح الاهتمام بها «مصنوعاً» وليس حقيقياً.

فالمجتمع لا يتقبل مثلاً فكرة أن تعرض فتاة رغبتها فى الزواج عبر فيديو على ساحة تكنولوجية يتعرض لها الجميع. كما أنه ليس بمقدور امرأة أن تتسامح فى قبول «ضرة» إلى حد أن تخطبها لزوجها بنفسها، كما أن ثمة قناعة دينية عامة لدى المصريين بأن الفقر والغنى حالتان مؤقتتان، فمن الممكن أن يصبح الفقير غنياً وأن يمسى الغنى فقيراً.

ولست أظن أن أصحاب هذه الأفكار من المجددين الذين يستهدفون تجديد الخطاب الاجتماعى، فلو كان ذلك كذلك لبانت لهم أمارات ولامتلكوا رؤية وفكراً وسعياً متواصلاً من أجل نشر أفكارهم الجديدة فى الواقع.

أخشى أن أقول إن هدف هؤلاء جميعاً هو التريند وتصدر خريطة تفاعلات مستخدمى السوشيال ميديا. فالمسألة مثمرة، وقد تعود على صاحبها بالشهرة، أو بتحصيل المال إذا زاد الترافيك وأتيحت فرصة تقديم إعلانات على الفيديو.

كثيراً ما أفكر فى أمر التكنولوجيا وأتساءل حول جدوى وجودها فى المجتمعات النامية؟

الملاحظ أن التكنولوجيا عندما تدخل مجتمعاً متخلفاً تزيده تخلفاً، وأحياناً ما تدمر بعض أوجه النشاط الإيجابى فيه.

عشنا سنين نستمتع بأفلام ومسلسلات تعالج موضوعات عميقة مكتوبة بأقلام أدباء كبار.. ولكن ما إن دخلت التكنولوجيا حتى تراجعت قيمة الفكرة أو القصة وامتلأت الشاشات بالعضلات والمجانص والمناظر والأكشن مستفيدة مما تتيحه التكنولوجيا الجديدة للإنتاج السينمائى والتليفزيونى.

قِس على ذلك باقى نواتج التكنولوجيا التى بلغت قمتها اليوم فى منتوجات «الذكاء الاصطناعى».

وقد تتفق أو تختلف معى إذا قلت إن منتوجات هذه التكنولوجيا ستنشر الغباء فى مجتمعات تعانى منه كل المعاناة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغباء «الاصطناعى» الغباء «الاصطناعى»



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon