توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دموع «امرأة»

  مصر اليوم -

دموع «امرأة»

بقلم: د. محمود خليل

كانت السيدة زينب تعلم المحنة التى سيلاقيها أهل البيت بقرار الثورة على يزيد بن معاوية تحت لواء الحسين، لكنها صممت على السير فى الطريق، فالحق عندها كان أجل وأعلى من الحياة فى ظل أوضاع لا ترضاها، أوضاع تتناقض مع قيم ومبادئ الرسالة السامية التى حملها جدها محمد، صلى الله عليه وسلم.

سارت السيدة زينب مع أخيها إلى العراق، وآوت إلى الخيمة التى ضمت آل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، ومن داخلها أخذت تراقب المعركة غير المتكافئة، وسرعان ما بدأ السيف يعمل عمله فى صفوف آل الحسين.

وكان أول قتيل منهم على الأكبر بن الحسين بن على، وأمه ليلى بنت أبى مرة. طعنه مُرة بن منقذ فقتله لأنه حاول أن يصل إلى أبيه ليدافع عنه، وهو ينشد: «أنا على بن الحسين بن على.. نحن وبيت الله أولى بالنبى.. تالله لا يحكم فينا ابن الدعى». فلما طعنه «مُرة» حاصره الرجال فقطعوه بأسيافهم، فقال الحسين: «قتل الله قوماً قتلوك يا بنى، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك محارمه، فعلى الدنيا بعدك العفاء». وخرجت جارية -كما يحكى ابن كثير- كأنها الشمس حسناً، فقالت: يا أخياه ويا ابن أخاه، فإذا هى زينب بنت على، فأكبّت عليه وهو صريع، فجاء الحسين فأخذ بيدها فأدخلها الفسطاط.

هناك شاهدان مهمان فى هذه القصة. الشاهد الأول يتعلق بالأبيات التى أنشدها على الأكبر وهى تشى عن موقف آل البيت من يزيد بن معاوية، فقد كان على الأكبر يرى أن أباه أولى بالأمر منه، وأن يزيداً ابن «الدعى»، يعنى معاوية.

وواقع الحال أن الأمر كان صراعاً سياسياً، نعم كان معاوية وآل بيته من الطلقاء، رغم ما يقال عن أنه أسلم قبل الفتح، إلا أن ذلك لا يعنى بحال عدم أهليته لحكم المسلمين، والدليل على ذلك تجربته فى الحكم، وقد ورث يزيد الحكم عن أبيه، وأخذ له الأول البيعة بالسيف، ومؤكد أن الحسين، سبط النبى، كان أكثر ورعاً منه، والورع ميزة فى الحاكم إذا توافرت فيه، لكن الحكم له مؤهلات أخرى عديدة.

أما الشاهد الثانى، فيتصل بحالة الهلع والجزع التى أصابت السيدة زينب عندما صرع جنود يزيد ابن أخيها «على الأكبر». فقد خرجت من خيمتها صارخة باكية، شأنها شأن أى امرأة رقيقة المشاعر هالها تكاثر رجال يزيد على صبى صغير خرج يدافع عن أبيه. لم يكن جزع السيدة الجليلة ضعفاً بل كان حناناً وعمقاً فى المشاعر، وإنسانية، ومحبة لأهل بيتها الذين أخذوا يتدفقون على خيمة الحسين ما بين قتيل، وجريح يصارع موتاً وشيكاً.

آل أمر العائلة النبوية الكريمة بعد مذبحة كربلاء إلى الشام فساروا إليها يجرجرون أوجاعهم وأحزانهم كانت السيدة زينب تبكى بكاءً مراً.

بكاء السيدة الجليلة لم يكن عن ضعف أو عدم رضاء بقضاء الله وقدره، بل كانت دموع الرأفة والحنان على أخيها الذى قضى شهيداً وعلى أبناء عمومتها، وصبية آل البيت الذين لم ترحمهم سيوف السلطة، والباحثون عن السلطة.

لم تكن السيدة المؤمنة قد وصلت إلى الشام بعد حين التقت عبيدالله بن زياد، قائد جنود يزيد، الذين واجهوا آل البيت فى كربلاء. وتشهد المواجهة التى اشتمل عليها اللقاء أن السيدة زينب لم تضعف أو تلِن أو تهتز أو تنكسر، بل واجهت بشجاعة لا يملك أن يواجه بها أعتى الرجال مثل هذه المواقف.

ولولا ثبات السيدة زينب لاجتثت شأفة نسل النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، يوم كربلاء، فقد نافحت عن آخر ذكر تبقى من أبناء الحسين، وهو على الأصغر أو على زين العابدين، وحالت دون وصول سيوف بنى أمية إليه.

رضى الله عن تلك السيدة التى واجهت مواقف عصيبة تنوء بها أعتى الشخصيات، متسلحة بما حباها الله تعالى من إيمان عميق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دموع «امرأة» دموع «امرأة»



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt