توقيت القاهرة المحلي 03:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ورقة الاقتصاد

  مصر اليوم -

ورقة الاقتصاد

بقلم: د. محمود خليل

إنها الورقة الرابحة التى تستطيع أن تسيطر بها على العالم. سلطة المال لا تزال السلطة الأجدى والأقوى فى فرض الإرادة على الآخر، أكثر من سلطة السلاح، وكذا سلطة المعلومات. وكأن العالم يعيد اكتشاف قاعدة: «من يملك يحكم». العديد من المشاهدات التى تتفاعل داخل الإقليم الذى نعيش فيه تؤكد ذلك. منذ بضعة أيام خرج رئيس جمهورية إيران حسن روحانى على شعبه قائلاً: «لقد خسرنا مئات المليارات بسبب الولايات المتحدة الأمريكية»، يشير بذلك إلى أثر العقوبات الاقتصادية التى فرضتها واشنطن على طهران بسبب عدم خضوعها لاتفاق غربى ينظم برنامجها النووى وبرنامج تصنيع الصواريخ. الأمر نفسه ينطبق على الوضع فى لبنان، فقبل ساعات من خطاب «روحانى» وقعت اشتباكات عنيفة بين مجموعة من المحتجين وقوى الأمن أمام مصرف بيروت بسبب القرار الحكومى بصرف الودائع الدولارية بالليرة اللبنانية. فقد خمّن المواطن هذا القرار نذيراً بكارثة اقتصادية تحلق فى الأفق. ويبدو التخمين صحيحاً إذا أخذنا فى الاعتبار أن الكثير من الدول التى كانت تمد لبنان بالدعم الاقتصادى بالأمس غلت يدها وأصبحت لا تعطى شيئاً اليوم.

أمريكا فى طريقها لفرض إرادتها على الجميع والفضل فى ذلك يعود إلى «ورقة الاقتصاد». وهى الورقة التى علا شأنها ومقامها منذ اللحظة التى دخل فيها «ترامب» إلى البيت الأبيض. فهو رجل يمارس السياسة بعقلية تجارية، ويجيد التعامل بلغة المال، ويجدها اللغة الأنسب لعقد الصفقات السياسية والعسكرية. ولا أجدنى بحاجة إلى الاستشهاد على ما أقول بأمثلة لا تغيب عن أحد. لقد أراد «ترامب» أن يروض الطموح الإيرانى -لحساب إسرائيل بالطبع- فسلك المسلك المضمون. فلا خلاف على أن إيران تمتلك قدرة تكنولوجية جيدة، وخلال السنوات الأخيرة أصبحت قادرة على تصنيع وتطوير الأسلحة، وهو أمر يثير القلق لدى إسرائيل وكذلك لدى دول الخليج العربى. وهو القلق الذى عالجه «ترامب» بطريقته الخاصة، فنصح الدول العربية بشراء السلاح من أمريكا لتحمى نفسها من الرغبة الإيرانية الجامحة للتمدد فى المنطقة، ونصح إسرائيل بعدم التحرش العسكرى بإيران، واكتفى بضرب حصار اقتصادى محكم على الدولة الإيرانية أدى إلى صراخ الإيرانيين فى الشارع لاعنين حكومتهم وقيادتهم ومرشدهم وملاليهم. وفى لبنان أراد «ترامب» أن يقلم أظافر حزب الله فماذا فعل؟ لقد حاصر الدولة اقتصادياً ومنع وصول الدعم الاقتصادى المعتاد لحكومتها، فتوتر الشارع وخرج اللبنانيون متظاهرين فى الشوارع، ومتهمين حزب الله وحكومة الدمى التى يحركها بتسميم معيشتهم.

رصاصة الاقتصاد أقوى مما عداها، وقد أفلح «ترامب» فى ملاعبة الجميع بها. ليس إيران ولبنان وحدهما، بل دول أعتى وأشد، مثل الصين وروسيا. تجربة الولايات المتحدة تقول إن أياً من القدرة التسليحية أو النفوذ السياسى ليس كافياً لإملاء الإرادة، فورقة الاقتصاد مهمة، إن لم تكن الأهم، فى حسم الصراعات والمواجهات. وذلك درس لا بد أن تتعلمه الدول التى تسير على ساق واحدة، وتظن -وهماً- أنها أصبحت ضمن منظومة الدول القوية. فساق السلاح وساق السياسية لا تستقيمان على الأرض ما لم تمتلك الدولة ذراعاً اقتصادية قوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ورقة الاقتصاد ورقة الاقتصاد



GMT 13:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 12:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 06:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon