توقيت القاهرة المحلي 00:26:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المادة لا تُستحدث من عدم

  مصر اليوم -

المادة لا تُستحدث من عدم

بقلم: د. محمود خليل

ربما تذكر أننى حدثتك يوماً عن كتاب «التعادلية» لمؤلفه توفيق الحكيم.

التعادلية ببساطة تعنى التوازن بين عناصر الحياة. فكل عنصر فى الوجود المحيط بنا له عنصر آخر يعادله، لأن سيطرة عنصر واحد بمفرده على حياة البشر تؤدى إلى اختلال ميزانها.

على سبيل المثال: الخير يوازن الشر، والليل يوازن النهار، والأبيض يوازن الأسود، والأخذ يوازن العطاء وهكذا.

لا يُعقل، على سبيل المثال، أن تظل تأخذ وتأخذ وتأخذ دون حساب، ثم تطالب مَن تأخذ منه بالمزيد من العطاء.

كذلك لا يُعقل أن تطلب من شخص أن يعطيك ما لا يستطيع، الطلبات لا بد أن تكون منطقية، والمثل المصرى يقول: «إذا أردت أن تُطاع، فأمر بما هو مستطاع» قدرة البشر على الاستيعاب هى قدرة محدودة بحجم وقدرة، تماماً مثل الدورق الذى إذا تجاوزت حافته وأن تملأه فسوف يتدفق الماء على الأرض، ومثل الجمل إذا وضعت فوق ظهره حمولة تزيد على قدرته على الحمل، فسوف ينخّ أسفل منها، وقد يلفظها كلها عن ظهره.

قياس التحمل هو الأساس فى تحديد حجم الحمولة فى دنيا الجمادات، فما بالك بدنيا البشر، والله تعالى خالق البشر يقول: «لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها» وفى آية أخرى: «لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها».

فى عصر السلطان قنصوة الغورى تضخمت ظاهرة «المماليك الجلبان»، وتكاثر عددهم بصورة لافتة، وأصبحوا جزءاً من مركب الحكم داخل الدولة الجركسية.

تأسست حياة هذه الفئة من المماليك على جيوب الأهالى، وما يمكن أن يجمعوه منهم، فى أحيان لم يكن السلطان الغورى يرضى عن الطريقة التى يؤدون بها مع الناس، لكن حاجته إليهم كانت تصرفه عن وضع حد لتصرفاتهم.

كان ولاء هؤلاء المماليك لأنفسهم ومصالحهم وما يمكن أن يحصدوه من أموال وأسلاب من الأهالى سواء بإرادة السلطان أو بغير إرادته. وكان من السهل جداً على طائفة «الجلبان» التخلى عن قيادتهم فى أشد اللحظات خطورة، بما فى ذلك لحظة المواجهة مع العدو.

وذلك ما حدث بالضبط من جانب المماليك الجلبان حين جد الجد وزحف السلطان التركى سليم شاه نحو الشام، فقد تخلوا عن السلطان الغورى وباعوه فى المواجهة، وكانت النتيجة ما حدث فى معركة مرج دابق.

وعندما تولى السلطان طومان باى الحكم كانت أول خطوة اتخذها هى التخلص من «الجلبان» ورفع ما فرضوه من ضرائب على الأهالى، ووقف كافة أشكال السلب والنهب التى كانوا يمارسونها على الأهالى، ولكن جاءت الخطوة بعد فوات الأوان.

الناس ينوءون بما يحملون فوق ظهورهم، وهم على استعداد للاستيعاب ما دام لديهم طاقة على ذلك، لكن عندما يزيد الحمل، فإن الدنيا تختلف ويبدأ كل ظهر فى نفض ما فوق ظهره، لأن الناس لا يستطيعون تحمل ما لا طاقة لهم به.

القاعدة الإنسانية تقول: لا ترهق الحصان المرهق.

والقاعدة العلمية تقول: المادة لا تُستحدث من عدم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المادة لا تُستحدث من عدم المادة لا تُستحدث من عدم



GMT 02:24 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المنطقة و«اللمسات الأخيرة»

GMT 02:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

بقاء الفلسطيني... وأزمة الانتماء

GMT 02:18 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

... عن مفهوم «الجنوب العالمي» الرائج اليوم

GMT 02:15 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

قفطاننا وليس قفطانكم

GMT 02:10 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

مستقبل التنمية لم يعد كما كان!

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

غادة عبد الرازق تنافس فى رمضان 2025 بمسلسل جديد
  مصر اليوم - غادة عبد الرازق تنافس فى رمضان 2025 بمسلسل جديد

GMT 20:19 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق بطولة المدارس الأولي للكرة النسائية في مصر

GMT 10:43 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

هاشتاغ ستاد القاهرة للرجال فقط يتصدر تويتر

GMT 00:51 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

موسكو تستضيف مهرجان مسرحي للصم بحضور فنانين من 9 دول

GMT 11:08 2019 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الزمالك يهاجم الأهلي بعد التعاقد مع محمود كهربا

GMT 20:37 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مديحة يسري وخلافها مع محمد فوزي بسبب قبلة

GMT 01:25 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بنات أحمد زاهر تثيران الجدل على السوشيال ميديا

GMT 05:56 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ثقافة القاهرة تتناول "موسوعة المشاهير.. الزعيم أحمد عرابي"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon