توقيت القاهرة المحلي 01:08:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المادة لا تُستحدث من عدم

  مصر اليوم -

المادة لا تُستحدث من عدم

بقلم: د. محمود خليل

ربما تذكر أننى حدثتك يوماً عن كتاب «التعادلية» لمؤلفه توفيق الحكيم.

التعادلية ببساطة تعنى التوازن بين عناصر الحياة. فكل عنصر فى الوجود المحيط بنا له عنصر آخر يعادله، لأن سيطرة عنصر واحد بمفرده على حياة البشر تؤدى إلى اختلال ميزانها.

على سبيل المثال: الخير يوازن الشر، والليل يوازن النهار، والأبيض يوازن الأسود، والأخذ يوازن العطاء وهكذا.

لا يُعقل، على سبيل المثال، أن تظل تأخذ وتأخذ وتأخذ دون حساب، ثم تطالب مَن تأخذ منه بالمزيد من العطاء.

كذلك لا يُعقل أن تطلب من شخص أن يعطيك ما لا يستطيع، الطلبات لا بد أن تكون منطقية، والمثل المصرى يقول: «إذا أردت أن تُطاع، فأمر بما هو مستطاع» قدرة البشر على الاستيعاب هى قدرة محدودة بحجم وقدرة، تماماً مثل الدورق الذى إذا تجاوزت حافته وأن تملأه فسوف يتدفق الماء على الأرض، ومثل الجمل إذا وضعت فوق ظهره حمولة تزيد على قدرته على الحمل، فسوف ينخّ أسفل منها، وقد يلفظها كلها عن ظهره.

قياس التحمل هو الأساس فى تحديد حجم الحمولة فى دنيا الجمادات، فما بالك بدنيا البشر، والله تعالى خالق البشر يقول: «لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها» وفى آية أخرى: «لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها».

فى عصر السلطان قنصوة الغورى تضخمت ظاهرة «المماليك الجلبان»، وتكاثر عددهم بصورة لافتة، وأصبحوا جزءاً من مركب الحكم داخل الدولة الجركسية.

تأسست حياة هذه الفئة من المماليك على جيوب الأهالى، وما يمكن أن يجمعوه منهم، فى أحيان لم يكن السلطان الغورى يرضى عن الطريقة التى يؤدون بها مع الناس، لكن حاجته إليهم كانت تصرفه عن وضع حد لتصرفاتهم.

كان ولاء هؤلاء المماليك لأنفسهم ومصالحهم وما يمكن أن يحصدوه من أموال وأسلاب من الأهالى سواء بإرادة السلطان أو بغير إرادته. وكان من السهل جداً على طائفة «الجلبان» التخلى عن قيادتهم فى أشد اللحظات خطورة، بما فى ذلك لحظة المواجهة مع العدو.

وذلك ما حدث بالضبط من جانب المماليك الجلبان حين جد الجد وزحف السلطان التركى سليم شاه نحو الشام، فقد تخلوا عن السلطان الغورى وباعوه فى المواجهة، وكانت النتيجة ما حدث فى معركة مرج دابق.

وعندما تولى السلطان طومان باى الحكم كانت أول خطوة اتخذها هى التخلص من «الجلبان» ورفع ما فرضوه من ضرائب على الأهالى، ووقف كافة أشكال السلب والنهب التى كانوا يمارسونها على الأهالى، ولكن جاءت الخطوة بعد فوات الأوان.

الناس ينوءون بما يحملون فوق ظهورهم، وهم على استعداد للاستيعاب ما دام لديهم طاقة على ذلك، لكن عندما يزيد الحمل، فإن الدنيا تختلف ويبدأ كل ظهر فى نفض ما فوق ظهره، لأن الناس لا يستطيعون تحمل ما لا طاقة لهم به.

القاعدة الإنسانية تقول: لا ترهق الحصان المرهق.

والقاعدة العلمية تقول: المادة لا تُستحدث من عدم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المادة لا تُستحدث من عدم المادة لا تُستحدث من عدم



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

بلينكن يعظ!!

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أن تُصلح الفساد بالأفكار

GMT 02:49 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هوامش في قمة البحرين: مجلس أم «مقنص»

GMT 02:46 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الانهيار المخيف

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 14:14 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant
  مصر اليوم - أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant

GMT 19:30 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة إعداد ورق عنب مع كوسا وريش

GMT 08:40 2014 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التونة والدجاج تساعدان في زيادة خصوبة الزوجين

GMT 08:42 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريم البارودي تبدو أنيقة في بدلة وردية اللون

GMT 05:38 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور محمود الموجي يُبيّن أسباب رائحة الفم الكريهة

GMT 20:55 2014 الخميس ,14 آب / أغسطس

استقرار اﻷوضاع اﻷمنية في شوارع الأقصر

GMT 05:44 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مربى التفاح بالقرفة

GMT 16:29 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شركة سكودا تطلق الجيل الجديد من موديل سوبيرب

GMT 11:12 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

حمو بيكا يدعم طفلة مريضة سرطان ويقدم لها هدية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon