توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أساطير الحب والحرب

  مصر اليوم -

أساطير الحب والحرب

بقلم: د. محمود خليل

قصة المسلمين فى الأندلس قصة ممتدة تختلط فيها الحقائق بالأساطير، والمعلومات الدقيقة بالخيالات الشعبية.

والأصل فى هذه المسألة يرتبط بحالة الحسرة التى ضربت أفئدة المسلمين بعد سقوط الأندلس، عقب عقود مديدة من سيطرة الفاتحين العرب عليها.

بدأت رحلة فتح الأندلس حلماً فى عقل موسى بن نصير، فى عهد الخليفة الأموى الوليد بن عبدالملك، وبعد أن درس «ابن نصير» المسألة من كل زواياها، أعد جيشاً اختار له قائداً غير عادى فى تاريخ الفكر العسكرى، هو «طارق بن زياد».

كان قوام جيش الفاتح طارق بن زياد 12 ألف مقاتل، وهو ليس بالعدد القليل أو الهين، خصوصاً أن النسبة الغالبة منه كانت من البربر، لكن العقل الشعبى اخترع واحدة من أكبر القصص الخالدات فى الوجدان العام، وهى قصة حرق السفن التى أبحر بها جيش الفاتحين إلى الأندلس، وخطبته فى جنوده قائلاً: «أيها الناس.. أين المفر؟. والبحر من ورائكم والعدو أمامكم».

واقع الحال أنه لم يكن هناك داعٍ كى يردد طارق بن زياد هذه المقولة، فقد كان معه من الجند ما يكفى، ومن العدة ما يغنى، وكان موسى بن نصير يسيطر على شمال أفريقيا، ويملك أن يمده بما يريد من عون، كما أن خطوة الفتح تمت دراستها بتأنٍ، ووضعت لها خطة دقيقة، لكن يبدو أن الإعجاب الشعبى ببطولة القائد العظيم طارق بن زياد كانت دافعاً وراء تأليف قصة الخطبة.

وكذا الشعوب دائماً عندما يحقق قائد من قوادها بطولة تطلق لخيالها الشعبى العنان لتؤلف ما يؤكد بطولته داخل وجدانها. وقد كان طارق بن زياد بالفعل قائداً عسكرياً محنكاً تمكن من القيام بهذه المهمة الصعبة، وفتح هذا البلد الذى ضاع بعد ذلك على يد واحد من «البكائين» فى مواقف لا يليق فيها البكاء وهو «أبو عبدالله الصغير».

«أبو عبدالله الصغير» ابن عائشة الحرة زوجة الأمير «أبوالحسن»، وكانت سلطانة على مملكة «غرناطة»، ورزقت من زوجها بولدين، أحدهما «أبو عبدالله الصغير» آخر ملوك الأندلس. وقد شهدت فى حياتها زوال ملك المسلمين على هذه الأرض، بسبب ممارسات زوجها، والصراعات العارمة التى نشبت بين أصحاب المصالح فى الأندلس، ومكائد ودسائس الطامعين فى القضاء على حكم المسلمين لها.

امتازت «عائشة» بشخصية قوية عاقلة ورزينة، لكن نقطة ضعفها كانت فى الرجال الذين أحاطوا بها، سواء زوجها الذى فتنته أسيرة مسيحية، فتزوجها وذاب عشقاً فيها، وولدها عبدالله الذى لم يكن يمتلك القدرة على الحفاظ على ملك أحاطت به الذئاب من جميع الجهات.

حاولت السلطانة الحرة قدر جهدها دفع شبح السقوط عن الحكم الإسلامى فى الأندلس، لكن أوان سقوط الدولة كان قد حان، حين وصلت إلى مرحلة لم تعد تمتلك فيها صلاحية الاستمرار.

انهار حكم ملوك المسلمين فى لحظة وقف فيها «أبو عبدالله الصغير» يبكى على الملك الزائل والمجد الحائل، فنظرت إليه أمه ورددت فى وجهه العبارة التى تقول: «ابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال».

من جديد لا يستطيع المحلل أن يبرئ الخيال الشعبى من اختراع هذه المقولة ليعبر عن حجم المأساة التى حاقت بالمسلمين جراء هذا الحدث، ومدى الحسرة والحزن الذى اعتصر قلوبهم بعد السقوط المدوى للأندلس، لكن العبارة تبقى فى كل الأحوال شاهداً على ذلك النمط من الشخصيات من «طلاب الحكم والمجد» الذين تنسال دموعهم عندما يركبون الصعب، وليس لمن يطلب مثل ما يطلبون أن يبكى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أساطير الحب والحرب أساطير الحب والحرب



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 00:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon