توقيت القاهرة المحلي 09:57:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المناضل التسعيني

  مصر اليوم -

المناضل التسعيني

بقلم: د. محمود خليل

عمار بن ياسر صحابى من طراز خاص، كان طرفاً فاعلاً فى كل المواقف العصيبة التى عاصرها فى حياته.

منذ اللحظة الأولى لإسلامه لم يعرف سوى النضال والتضحية من أجل ما يؤمن به، أمه «سمية» أول شهيدة فى الإسلام، وأبوه «ياسر» من المؤمنين الأوائل بدعوة محمد. فى حق هذه العائلة المناضلة قال النبى صلى الله عليه وسلم مقالته الشهيرة: «صبراً آل ياسر، إن موعدكم الجنة».

عاصر «عمار» خلافة أبى بكر وعمر، وعندما تولى عثمان كان من أشد معارضيه، وكان دائم الطعن فى أدائه، وقد كان من القلائل الذين انحازوا لعلىّ ضد عثمان عندما كان عبدالرحمن بن عوف يسأل المسلمين: أى الشخصين يختارون خليفةً بعد عمر؟

ولما اغتيل عثمان على يد مجموعة من الثائرين عليه من الأمصار المختلفة، وآل الأمر إلى علىّ، أيده بكل ما أوتى من قوة، وقاتل إلى جواره فى معركة «صفين» رغم أنه كان عجوزاً طاعناً فى السن. وكان النبى صلى الله عليه وسلم قد قال فى حقه «عمار تقتله الفئة الباغية».

إذا نحينا قليلاً نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم حول أن «عمار تقتله الفئة الباغية»، وتأملنا شخصية «عمار» وموقفه من الصراع بين علىّ ومعاوية فسوف ندرك أن من يملك عقل ومنطق وتجربة وبلاء عمار بن ياسر فى الإسلام، من الجدير به أن ينحاز إلى الحق، وإلى ما يُرضى الله ورسوله، وأن يجابه من يبغى على حقوق الآخرين وينازعهم أمرهم.

من هنا كان انحياز عمار بن ياسر إلى علىّ بن أبى طالب، إذ كان يعتبر معاوية باغياً حين رفض مبايعته، ومن يدقق فى هذه الكلمات التى قالها عمار بن ياسر أثناء معركة صفين، يستطيع أن يستدل بسهولة على أنها لا تخرج إلا عن عقل حكيم وقلب سليم لا يمكن أن ينحاز إلا للحق: «نادى عمار يومئذ: من يبتغى رضوان ربه، ولا يلوى إلى مال ولا ولد؟ فأتته عصابة من الناس، فقال: أيها الناس! اقصدوا بنا نحو هؤلاء القوم الذين يبتغون دم عثمان، ويزعمون أنه قتل مظلوماً، والله ما قصدهم الأخذ بدمه ولا الأخذ بثأره، ولكن القوم ذاقوا الدنيا واستحلوها، وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه من دنياهم وشهواتهم، ولم يكن للقوم سابقة فى الإسلام يستحقون بها طاعة الناس لهم، ولا الولاية عليهم، ولا تمكنت من قلوبهم خشية الله التى تمنع من تمكنت من قلبه عن نيل الشهوات، وتعقله عن إرادة الدنيا، وطلب العلو فيها، وتحمله على اتباع الحق، والميل إلى أهله، فخدعوا أتباعهم بقولهم: إمامنا قُتل مظلوماً، ليكونوا بذلك جبابرة ملوكاً، وقول الباطل له حلاوة فى أسماع الغافلين، فسيروا إلى الله سيراً جميلاً، واذكروا ذكراً كثيراً».

يشرح عمار بن ياسر بلسان طليق وعقل حكيم رؤيته لموقف معاوية وغيره ممن ناهضوا عليّاً بن أبى طالب، تحت زعم الثأر من قتلة عثمان بن عفان، ويؤكد أنهم لا يبحثون عن دين، بل يفتشون عن دنيا ويريدون أن يصبحوا «ملوكاً جبابرة»، وأنهم يخدعون أتباعهم ويسوقونهم إلى الهلاك فى الدنيا والآخرة.

لقد كان «عمار بن ياسر» رضى الله عنه يقول هذا الكلام وهو فى موقف حرب وقتال وفى التسعين من عمره، لكنه كان ممسكاً بالحق، ويعلم أن بنى أمية يريدون وراثة الإسلام كمُلك، وهم الذين تلكأوا فى الإيمان به كدين. قُتل عمار على يد الفئة الباغية، وقد كان مقتله عاملاً دافعاً فى صفوف على بن أبى طالب، فدبت الحماسة فى نفوس أجناده بعد أن اطمأنت قلوبهم إلى انحيازهم للحق، وبدأ جيش علىّ يظهر على جيش معاوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المناضل التسعيني المناضل التسعيني



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt