توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الباب «الموارب»

  مصر اليوم -

الباب «الموارب»

بقلم: د. محمود خليل

بعد نكسة يونيو 1967، بدأ كل من الدولة والمجتمع مراجعة أمينة للأوضاع التى أدّت إلى الهزيمة.

اكتشف المصريون حينها ببساطة أن سر مأساتهم هو «غياب الحساب»، فقد تركوا أصحاب القرار يتخذون ما يحلو لهم من إجراءات وقرارات دفع المصريون ثمنها غالياً فى ما بعد.

على سبيل المثال.. تذكّر المصريون سنوات تمتد من عام 1962 وحتى عام النكسة استُنزفت فيها مقدرات وإمكانيات الشعب المصرى فى مغامرة عسكرية ضد عدو غامض اسمه «الرجعية العربية»، رغم أن عدونا الظاهر والواضح (إسرائيل) كان يقف على الأبواب ويتربّص بنا الدوائر.

بدلاً من توجيه مال الشعب إلى تطوير المدارس والمرافق والمستشفيات تم توجيهه لدعم المجهود القتالى ضد الرجعية العربية.. وعندما حان وقت المواجهة مع إسرائيل كانت القوى منهكة فوقعت النكسة.

خلال هذه الفترة غابت مؤسسات الرقابة والحساب، وعلت أصوات أصحاب الطبل والمزمار على ما عداها، ودوّت الأغانى التى تمتدح فى الخطوة والقرار وصاحب القرار.

تغلغل الكذب، فاحتل كل المساحات وتاهت الحقيقة ولم يعد لها صوت ولا صدى.

اختُزلت حياة الناس وإنجازات الحكومات فى ذلك الوقت فى مجموعة من الأغانى التى كانت تتردّد على الألسن وعاش الناس بداخلها بعيداً عن الواقع الذى كانت أحواله تسوء شيئاً فشيئاً حتى وصل إلى نقطة اللاعودة.

بعد النّكسة استيقظ الجميع على الحقيقة المرّة.. وبدأت محاولات الإصلاح.. وكانت أولى المحطات محاولة فتح باب الحريات وإتاحة الفرصة لنقد أداء المؤسسات ورفع الغطاء عن المشكلات التى بات المواطنون يعانون منها، لكن المشكلة أن السلطة حينذاك لم تفتح باب «النقد والحساب»، بل اكتفت بمواربته.

كانت فكرة الرأى الواحد والصوت الواحد وصانع القرار الأوحد ما زالت تُلهب خيال أهل الحكم أكثر من غيرها.. نعم اضطرتهم الظروف إلى التراجع بعض الشىء عنها وفتح الباب قليلاً، لكنهم ظلوا يتحينون الفرصة لإعادة الباب إلى وضع الإغلاق من جديد.

قطاعات لا بأس بها من أبناء هذا الشعب اكتشفت العلة المتمثلة فى «غياب الحساب» بعد النكسة، منها القطاع الذى انطلق فى شوارع القاهرة متظاهراً ضد الأحكام الهيّنة اللينة التى نالها المسئولون عن هزيمة 1967.

ثار الشباب حينها ضد محاولة «الإفلات من الحساب» ورأوا فيها محاولة للعودة إلى الآفة التى وصلت بنا إلى حافة الانهيار، ورغم ذلك استمرت سياسة «الباب الموارب» هى السائدة.

وارب «السادات» الباب بطريقته الخاصة فتحدث عن دستور جديد ومجلس نيابى قادر على المحاسبة، ثم اتجه إلى منح الفرصة لوجود أحزاب معارضة، ونزع الرقابة على الصحف، ورفع شعار «الكفاءات قبل الولاءات».

لم تأتِ المؤسسات التى استحدثها «السادات» بجديد، لأن مبدأ «الحساب» كان غائباً عنها.

فمجلس الشعب تحول إلى مجلس ملاكى يعمل بإشارة من أصابع السلطة، والأحزاب تحولت إلى كيانات ورقية تتمثل فى الصحف، والرقيب الذى اختفى من الصحف أعاد إنتاج نفسه فى شكل رئيس تحرير موالٍ للسلطة وأشد فتكاً بالرأى الآخر من الرقيب التقليدى، كما ظلت الحظوة لأهل الثقة على أهل الكفاءة.

باب الخروج من هذه الحالة أساسه: احترام الدستور، وجود مجلس نيابى منتخب وليس مصنوعاً، وأحزاب تملك برامج أكثر مما تُجعجع، وصحافة حرة قادرة على مراقبة أوجه الفساد والانحراف داخل المجتمع، وكفاءات حقيقية فى مواقع العمل.

هذا هو المجتمع الجديد الذى لم يزل المصريون يبحثون عنه منذ كارثة النكسة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الباب «الموارب» الباب «الموارب»



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt