توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ومن «الشك» ما قتل

  مصر اليوم -

ومن «الشك» ما قتل

بقلم - محمود خليل

يظل الشك الزائد عن الحد مرضاً يخنق صاحبه، وقد يدفع به إلى أسلوب فظ فى التعامل مع الآخرين، يفقده تعاطفهم معه، ويوغر صدورهم نحوه إلى حد التخطيط للنيل منه.

الشك من حسن الفطن، حين يكون شكاً متوازناً، بمعنى أن يأخذ شكل الحذر البعيد عن «تخوين الآخرين»، لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده، وهو فى كل الأحوال بحاجة إلى غيره.

على سبيل المثال الزوج الشكاك أو الزوجة الشكاكة يمكن أن يدمرا حياتهما الزوجية بسبب هذا المرض، بل قل إن كل العلاقات الإنسانية يدمرها الشك: علاقات الصداقة والجيرة والزمالة وغيرها.

فثمة فارق كبير بين الشك الهادف إلى الوصول إلى الحقيقة، وذلك من حسن الفطن، والشك من أجل الشك، وهو المرض.

ولا بد أن يتنبه الفرد إلى أن الأجواء التى نشأ أو يعيش فيها قد تجعل منه إنساناً مريضاً بالشك، كما حدث مع الوالى عباس حلمى الأول، حفيد محمد على من ولده طوسون.

مات أبوه «طوسون» فى أوائل العشرينات من عمره، بعد أن أنجبه، وتعهدته أمه السيدة «بنبا قادن» بالرعاية.

كانت الأم تعيش أجواء شك مرعبة، فهى تعلم كم الصراعات داخل الأسرة الكبيرة التى تضم أبناء وبنات محمد على، وكذلك أحفاده.

كان «عباس» يفوق فى عمره بعض أبناء محمد على، مثل عمه سعيد، ولم يكن يزيد عنه فى العمر سوى إبراهيم باشا، وقد شاءت الأقدار أن يتوفاه الله بعد أن اعتلى سرير ولاية مصر ببضعة شهور، ليتولى الحكم من بعده «عباس» نجل شقيقه طوسون.

منذ اللحظة الأولى لجلوسه على سرير الولاية، وهو دائب الشك فيمن حوله، يسيطر عليه إحساس بأن الكل يتآمر عليه، حسداً منهم على ما وصل إليه.

ربما تكون «أم عباس» قد لعبت دوراً فى ذلك من فرط خوفها على ولدها، ربما كان عباس نفسه مريضاً بالشك، ربما ساهم العاملان معاً فى ذلك، لكن النتيجة فى النهاية أن هذه الحالة أثرت عليه كل التأثير، فأنشأ قصراً بعيداً فى «بنها» لا يصل إليه أحد بسهولة، وبدأ يعد العدة لتولية ولده «إلهامى باشا» من بعده، خلافاً للائحة الولاية التى وضعها محمد على، وأحاط نفسه بمماليك أغراب، مبتعداً عن أفراد أسرته.انتهى أمر عباس الأول بالاغتيال على يد اثنين من مماليكه فى قصره البعيد داخل مدينة «بنها».

والعجيب أن الوالى قرّب المملوكين، وأبعد غيرهما خوفاً من الغدر به، فإذا بمقتله يأتى من مأمنه.

يقول بعض المؤرخين إن الأميرة نازلى بنت محمد على هى التى كرت عليه المملوكين ليقتلاه، حقدا منها عليه، وبسبب معاملته المتشككة فى أفراد العائلة، ويقول آخرون إن عمه سعيد هو من يقف وراء مؤامرة اغتياله، لكن لا يوجد دليل واضح على ذلك.

مات عباس حلمى الأول، ولم يستطع ولده إلهامى باشا وراثة الحكم من بعده، وتولى الولاية سعيد باشا نجل محمد على، وطوى التاريخ صفحة «حلمى» الرجل الذى قتله الشك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومن «الشك» ما قتل ومن «الشك» ما قتل



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt