توقيت القاهرة المحلي 00:59:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حيتان الفساد فى المحليات

  مصر اليوم -

حيتان الفساد فى المحليات

بقلم - عادل نعمان

ليس كل رؤساء الأحياء الذين تم القبض عليهم مؤخراً بتهمة الرشوة فى الأصل فسدة ومرتشين، أو جاءوا إلى الأحياء بشهادة فساد موثقة ومعتمدة، وترعرعت طفولتهم فى وحل المحليات، وإلا كان اللوم على من رشح ومن اختار!! بل المصيبة أن هؤلاء فى أغلبهم جاءوا إلى هذا الوحل شرفاء، ودخلوه ولم يدنسوا من قبل، ولم يلوث تاريخهم، وخرجوا من الخدمة على ما كانوا عليه، وأزعم ذلك، وما جرى لهؤلاء هو إفسادهم على أيدى حيتان الفساد فى المحليات، وأباطرة التزوير والرشاوى، وحماة المخالفات والانحرافات، وانتقلوا من المدرسة صغاراً إلى الجامعة ببراعة وسرعة فائقة، ولا أظن أن هؤلاء قد اكتسبوا مهارة التخفى والتستر والاحتياط والاختباء، كما أتقنها من استقبلهم وعلمهم ودربهم من هؤلاء الأباطرة والحيتان الذين يجيدون التعامل عن بُعد، وهم المحركون والفاعلون والعاملون والحافظون الأصليون لكل أصناف الغش والتزوير واللف والدوران، وأعتقد أن هؤلاء قد قصدوا ذلك، حتى يسهل اصطيادهم وإيقاعهم بسهولة ويسر إذا أرادوا لهم ذلك، أو حاول أحد من هؤلاء كسر الطوق، أو التمرد عليهم، أو الخروج على النص، أو تخطى الحاجز أو السياج المفروض عليهم، أو اللعب منفرداً بعيداً عنهم، فتكون نهايته على أيديهم، وربما يكونون هم من وشوا بهم، وفتنوا عليهم، أو عن طريق أعوانهم.. هذه المدرسة أو تلك الإمبراطوريات أو هؤلاء الأباطرة والحيتان موجودون فى كل المحليات وإن اختلفت أسماؤهم، واضحون ظاهرون بارعون فى الفساد والإفساد، وتنشئة أجيال وتدريبهم واحتضانهم وتربيتهم، والإيقاع بهم إذا لزم الأمر، هم بعيدون عن العيون، ولا يرصدهم عسس الولاة، ولا تصل إليهم الأجهزة الرقابية، ماهرون فى المناورة والتخفى والاختباء، يُسَيّرون الأمور من وراء حجاب دون حس أو صوت، ولا تسمعهم الأذن، ولا يحس بوقع أقدامهم أحد، يخططون ويرسمون ويعقدون ويقبضون ويفسدون دون دليل أو بصمة أو لمسة أو همسة، آمنين، مطمئنين، مرتاحين على مصيرهم ومصير أموالهم، واثقين أن الدليل المادى لن يلمسهم أو يحتك بهم أو يقترب منهم، ويفلتون كل مرة من التحقيقات، فلا أثر للجريمة، ولا بصمة ولا صورة ولا توقيع ولا دليل أو سؤال أو جواب، ناموا وأمنوا وسلموا وارتاحوا بأموالهم الحرام، وراح رؤساء الأحياء بمفردهم، وكانوا أولى أن يكونوا برفقتهم، بل أن يسبقوهم إلى قفص العدالة، وإلى طوق الحق، ولست أشك يوماً أن الله بالغ أمره، قد جعل لكل يوم موعداً.

هؤلاء هم المجرمون الحقيقيون، الفسدة الأوائل والأواخر، أول السطر وآخره، صناع الفساد وحماته، وسدنته وحفظته من الفضيلة والشرف، ولن يخلو جرابهم كل يوم من فاسد جديد وضحية جديدة يقدمونها قرباناً لهيكلهم، ولن يفشلوا فى صناعة نجوم الرشاوى مهما حاول المسئول تحصين نفسه، أو تأمين شرفه، أو حماية ما تبقى له من العمر، يزينون له سوء عمله، ويضعونه بين خيارين كلاهما مر، إما السير فى رحابهم أو إفشاله وحصاره وعزله، ويخرجون من كل مصيبة شرفاء، وأكثر قوة وثقة، وأنظف وأطهر ثوباً، هكذا يكون مصائر الناس فى بلادى، لا تكتفى برائحة الدخان حتى تبحث عن النار، بل تتحرك بعد الخراب والدمار، من يحمى هؤلاء؟ وهم معروفون بالاسم فى كل الإدارات المحلية، من الخفير حتى الوزير، من يتركهم يعبثون بمقدرات الناس ويباركون الفساد والمخالفات وينامون قريرى العين والبال، لا ينغزهم ضمير، ولا يؤرقهم ظلم من ظلموا، ولا يخافون يوماً يكشف سترهم ويعرى شرفهم، وتنهش فيها أعراضهم، وتنشر على الملأ فضائحهم، ما سر هذا الأمان وهذا الاطمئنان؟، إلا إذا كانوا مطمئنين إلى أن الأدلة لا تطولهم يوماً، أو أمور أخرى نجهلها.

يا سادة.. هؤلاء هم رعاة الفساد، ومنبته ومصدره وحاضنته، ورحمه الذى لا ينقطع حمله ولا تتوقف ولادته، ومكانهم الطبيعى خلف القضبان، أو العزل والإقصاء وهذا أضعف الإيمان، ولما كان الدليل عزيزاً لتقديمهم للمحاكمة أو القصاص منهم، فلا أقل أن يعزلوا فوراً من الخدمة، وتطبيق قانون «من أين لك هذا»، كل من تشوبه شائبة أو يطوله دخان حتى من غير نار يجب استبعاده من مراكز الصدارة، واتخاذ القرار، والتعامل مع مقدرات الناس، فلا صلاح ولا تطهير إلا إذا كنسنا هؤلاء من مواقعهم، فالشبهة فى تطهير المصالح جائزة، والانتظار حتى يأتينا الدليل صوت وصورة مضيعة لحقوق الناس، وتسويف لمقدرات الأمة، فلنأخذ بالدليل للمحاكمة، والشبهة والتقارير للعزل والإحالة أو الاستبعاد، حتى نأخذ الفرصة للإصلاح والتقويم، والتى لا تتاح فى وجود هؤلاء. إن فرصة الإصلاح والتقويم فى وجود هؤلاء مستحيلة، فهم يملكون العصا السحرية لكسر المستقيم، وإفساد الشريف، وتلويث الأمناء، ولا حل سوى إقصائهم بقرارات ثورية تطهيرية، وهم معروفون وظاهرون ومكشوفون لعيون الناس والمسئولين جميعاً.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حيتان الفساد فى المحليات حيتان الفساد فى المحليات



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات

GMT 17:36 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

الصين تعلن تسجيل 99 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 12:34 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon