توقيت القاهرة المحلي 10:11:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التدين فى أوروبا

  مصر اليوم -

التدين فى أوروبا

بقلم : سامح فوزي

 عشت فى بريطانيا أثناء دراستى العليا، وزرت مدنا أوروبية عديدة عشرات المرات؛ الانطباع الذى بدأ يستقر لدىّ أن هناك موجة من التدين تنتعش فى أوروبا.

السؤال لماذا؟
التقيت منذ أيام فى رحاب جامعة ليفربول العريقة بعدد من الباحثين المتميزين فى الشأن الدينى. كانت الاجابة عن السؤال متعددة الابعاد. هناك من قال إن ذلك يعود إلى الاتجاه المسيحى المحافظ الذى تبلور ردا على المد الاسلامى فى أوروبا. إزاء من ينادى بهوية إسلامية، ويرفض الاندماج الثقافى فى المجتمع الاوروبى عاد من يقول بأن أوروبا مسيحية. يتجه هذا الرأى إلى التأكيد على نظرية رد الفعل فى رصد ظاهرة التدين العائد إلى أوروبا. آخرون رأوا أن ذلك انعكاس مباشر للتدين المحافظ الأمريكى إذ إن بريطانيا ترتبط فى العقود الثلاثة الاخيرة بعلاقات عبر الاطلنطى بالولايات المتحدة شديدة الكثافة؛ ومن الطبيعى أن يكون هناك تأثير وتأثر. إذ تظل بريطانيا مصنع السياسة بالنسبة للامريكيين؛ لكنها تتأثر بشدة فى الوقت نفسه بالثقافة الواردة إليها عبر الاطلنطى.. الجذور الانجلو ساكسون لها تأثيرها بالضرورة.

مع احترامى لكلا الرأيين؛ وفيهما وجاهة بالتأكيد، سوف يظل العامل الحاسم فى رأيى هو الفقر الروحى الذى تسببت فيه الحداثة الأوروبية؛ حيث باتت قطاعات عريضة فى المجتمع تحت ضغط ثقافة المجتمع الاستهلاكى؛ والتفكك الاجتماعى تبحث عن معنى فى الحياة؛ ووجدوا ضالتهم فى التدين. هذه ظاهرة تتجاوز بريطانيا، فقد رأيتها فى ألمانيا وسويسرا وإيطاليا واليونان والدول الاسكندنافية وهى جميعها مجتمعات يتباين فيها دور الدين ومظاهر التدين فضلا عن التقدم الاقتصادى والاجتماعى. واللافت أن هناك عددا من الباحثين فى علم الاجتماع أشاروا فى السنوات الماضية إلى بعض مظاهر انخفاض رأس المال الاجتماعى أى تراجع التضامن بين المواطنين، والالتقاء والتعاون فيما بينهم وتفضيلهم الانكفاء على ذواتهم منها تحليلات روبرت بوتنام الشهيرة...

أيا كانت الاسباب فإن هناك شواهد تفيد بأن التدين بات يعرف طريقه لبعض الاوساط الأوروبية على نحو يدهش من كانوا يعرفون هذه المجتمعات منذ ثلاثين سنة.. صحيح أن هذه المشاهدات لم ترق لوصف الظاهرة لكنها تظل بحاجة إلى تتبع ودراسة. المجتمعات تتحول فى علاقاتها بالدين؛ أظن أن المجتمع المصرى يعيد أيضا على نحو هادئ تقييم أنماط التدين فيه خاصة التى لا تستند إلى أساس حقيقى، وهناك حس نقدى ليس فى مواجهة الدين ذاته بل بالاكثر فى مواجهة التدين وصوره وأشكاله. ولكن ينبغى أن ندرك بأن كل ذلك رهن بتوافر مناخ حرية الرأى والاجتهاد والجرأة فى تناول قضايا الدين والمجتمع.

نقلًا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدين فى أوروبا التدين فى أوروبا



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon