توقيت القاهرة المحلي 10:03:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جغرافيا من الجنة وتاريخ من الجحيم

  مصر اليوم -

جغرافيا من الجنة وتاريخ من الجحيم

بقلم : سمير عطا الله

المسألة ليست في العدد، مهما كانت فظاعته، المسألة في العقل الذي يقرر «تفجير المصلين في ساعة ابتهال إلى الله»، وهو مقتنع بأن تلك اللحظة سوف تحمله إلى الجنة، وتحملهم إلى الجحيم. هذا العقل فجّر من قبل المساجد في الكويت والسعودية والكنائس في مصر، وأصبح مشهداً عادياً أن ترى رجال الأمن يحرسون دور العبادة ويفتشون الداخلين، بعدما كانت أكثر بقع الأرض سلاماً وطمأنينة.

المسألة والمشكلة، هي مع هذا العقل الذي يحل لنفسه القتل سبيلاً وحيداً ولو في لحظات التعبد والتضرع. في السابق لم يكن يفرق بين امرأة ورجل، عجوز وطفل، مريض وسليم، فكان يفجر الناس في أي مكان كي يزرع الرعب في القلوب والحزن في الأفئدة. لم يعد ذلك كافياً. يريد أن يقتل المصلين بأكبر عدد ممكن من الضحايا، لكي يرعب العالم أجمع ويحزن البلاد. وهي في أي حال غير منقوصة الأحزان. فقد قيل فيها إن جغرافيتها جزء من الجنة، وتاريخها جزء من الجحيم.

بعد تزعزع «داعش» في سوريا، كان لا بد من حدث مهول، يذكر العالم بأن الإرهاب لم يهزم. مثلما ضرب مساجد في نيوزيلندا وتصدر أنباء العالم ضرب في سريلانكا. الأسلوب والعدد مجرد تفصيل، المسألة هي العقل المعبأ في رصاصة تصطاد المصلين وهم ركَعٌ آمنون جاءوا إلى نيوزيلندا من أنحاء العالم ومن كل لون. هذا العقل الواحد يعرف لغة واحدة ويتحدث لغة واحدة ويمارس همجية واحدة. وطالما عاشت سريلانكا تبادل الإرهاب بين جميع مكوناتها، وفجّر مواطنوها بعضهم بعضاً بخليط من الدعاوى التافهة. الجديد اليوم هو الرقم. فالعقل نفسه لم يتغير لأن قاعدته الأساسية القتل والدمار وإرهاب جميع الناس في أكبر عدد من الأمكنة.

يتقصد الإرهاب خراب الدول ونزع الثقة بها. حربه في مصر كانت دائماً ضد السياحة. وفي تونس، حيث كانت السياحة تشكل دخلاً أساسياً، أطلقت النار على السابحين. يجب ألا يعودوا لأن عودتهم تعني دعم الدولة وإرضاء الناس وتحصين الاستقرار. أعداء ثلاثة لعقل الإرهاب.

يجب أن تكون خائفاً وحزيناً. الإرهاب يكره الرغد والطمأنينة. يجب ألا تطمئن إلى أي شيء أو إلى أحد. إنه لا ينمو إلا في حقول الموت وسهول الدماء. وليس لديه ما يمنح الناس هنا فيعدهم الوعود بالجنة. البابوات في القرون الوسطى كانوا يبيعون الجنة بموجب صكوك قانونية. وكان القادرون يشترون.

منذ وقوع المجزرة وجدتُ أن أفضل مصدر أتابع من خلاله التطورات هو صحف الهند ومواقفها. عمران ومودي تصرفا كرجلي دولة في منطقة بركانية رهيبة الزلازل. سريلانكا نسخة مصغرة عن الهند التي هي نسخة مصغرة عن آسيا التي هي نسخة مصغرة عن العالم. أي تصرف وفقاً لما يريده عقل الإرهاب يشعل كل شيء ويحوله إلى رماد. جاسيندا أرديرن أعطت درساً تاريخياً في محاربة الإرهاب: احتقاره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جغرافيا من الجنة وتاريخ من الجحيم جغرافيا من الجنة وتاريخ من الجحيم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon