توقيت القاهرة المحلي 07:20:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان: وطن على مشارف التعافي

  مصر اليوم -

لبنان وطن على مشارف التعافي

بقلم - فـــؤاد مطـــر

في ضاحية لبيروت غير تلك الضاحية التي كانت، وربما ستبقى مع تعديل جذري، عاصمة الكيان الحزبي المسلح، أو ما درجت تسميته «دويلة حزب الله»، سجل المجلس البلدي فيها خطوة نوعية على صعيد التوجه الوطني، تتمثل في أنه منع تعليق اللافتات الانتخابية وصور المرشحين بجميع انتماءاتهم وتحالفاتهم، مع ملاحظة أن ساكني هذه الضاحية مُلَّاك منازلهم، وهم مزيج يضم كثيراً من المتعاطفين مع الولاءات السياسية والحزبية.
ولكن المجلس البلدي ارتأى أن تكون هذه الضاحية غير الضاحية التي تستأثر بها «دويلة حزب الله»، وغير الضواحي الصغيرة الكثيرة في العاصمة بيروت الغارقة منذ 6 سنوات في أحوال بالغة الصعوبة.
فقد امتلأت الجدران بصور المرشحين وكثرت اللافتات. وبدت العاصمة كما لو أنها حلبة يتبارى على أرضها ملاكمون، كل يبغي وصلاً بمقعد في برلمان الوطن المتوعك. وكانت وسائل التواصل الاجتماعي إلى جانب المرئي والمسموع تضيف إلى الضجيج الانتخابي مزيداً من الآمال والتوقعات. لكن نسبة فقدان الأمل في تغيير الوضع عموماً من حال سيئ إلى حال أقل سوءاً، بقيت ضئيلة حتى اليوم الانتخابي (الأحد 15 مايو - أيار 2022) المعقودة عليه الآمال، المنقوصة الحسم.
وعلى نحو سحابة ماطرة، ولو لدقائق في فصل شديدة حرارته، أفرزت نتائج الانتخابات بشائر لم تندرج في التوقعات. بعض الذين كانوا مطمئنين إلى الفوز لم يفوزوا. وبعض الذين خاضوا السباق غير مطمئنين إلى الفوز حققوا فوزاً أعجوبياً.
لم تعد المعادلة كما الحال من قبل. وبدأت ملامح التراجع المتدرج للأمر الواقع السياسي والحزبي تلوح في الأفق، وباتت الثوابت عرضة لتعديلات لا بد منها، تعديل يتلوه تعديل، بدءاً باستبدال ورقة السلاح بورقة تطوير المناطق، واستبدال ورقة الشحن المذهبي بورقة التعاون الطوائفي، وورقة استخدام بعض العاصمة ملاذاً للحالمين بالتغيير الثوري في بلادهم، بورقة تعويض الوطن واجباً لم يقوموا به، واستبدال التعبئة، بحيث لا يعود الغرض من هذه اللافتة أو «البوستر» بمعنى الصور المضخمة، استفزاز طيف مسالم من جانب طيف اقتدروه سلاحاً وشحناً مذهبياً... أي بمعنى آخر إخلاء بيروت من منطقة مطارها، المأمول تنشيط حركته بعد المفاجأة الانتخابية المتواضعة، إلى منطقة مرفئها، الذي يحتاج إلى وقفة ضميرية، يؤديها كواجب كل من عطَّل التحقيق بأكثر من وسيلة، من ظاهرة اللافتات والصور غمزاً أحياناً، وبصريح النية في بعض المناسبات، إخلاء على نحو ما فعلت الضاحية المسماة «مار تقلا» التي سكانها من كل الطوائف اللبنانية، ولكن من دون أن تميز بين هذه وتلك، والتي لا تجرؤ غزوات الدراجين الهتَّافين بما لا يخدم جوهر طائفتهم، على حرْق أعلام الغير، الأخ في الوطن، وتأدية العروض الاستفزازية في شوارعها الكثيرة النظافة والمخضرة على مدار السنة. بورك مجلسها البلدي.
الآن هنالك ملامح وطن كان حتى الاستحقاق الانتخابي، وما انتهت إليه مفاجآت اللبناني في الاغتراب قسراً، واللبناني الصامد مقهوراً في بلده، على شفير التهاوي، بعد ذبول، تداركه الشقيق الخليجي، فنشط منسوب التفاؤل، وبات على حافة التعافي.
الذين اقترعوا بصماً مطالَبون بالتكفير عن تبصيمهم دونما مساءلة العقل والضمير والمصلحة الوطنية ومستقبل الأجيال. والذين بالغوا في الشحن المذهبي مطالَبون بكثير من التهدئة لمحازبيهم الذين هم ضمناً بعد نتائج الاستحقاق الانتخابي ليسوا كما الحال قبل ذلك.
بعد الآن، لا فضل للبناني على آخر إلّا بقدْر الحرص على الوطن وعلى العيش المشترَك، وصون الخصوصية الطوائفية التي تستحق أن تكون وروداً منوعة في مزهرية واحدة. عدا ذلك يكون التعامل مع الوطن عقوقاً يصل إلى مرتبة الكفر.
في مرات مضت، كثرت الدعوات إلى الحوار حلاً للمأزق اللبناني. وكانت تنعقد جلسات، ولكنها تصطدم بالنوايا غير الطيبة. وهذا كان بسبب الوضع السياسي، فالحزبي المرتبك، الذي بسببه لم يقطف اللبنانيون ثماراً طيبة من الخطوات الحوارية، ربما لأن مصلحة بعض المتحاورين كانت رهن ولاءات أو ارتباطات خارجية. الآن، في ضوء إخفاقات حدثت، ودفع فيها لبنان الوطن والمواطن أثماناً تصل إلى مرتبة الويلات، تبدو الحاجة إلى الحوار المتوازن ضرورية. ذلك أنه في ضوء الاستحقاق الانتخابي، على رغم تواضع نتائجه، لا يعود الصوت الممانع يعلو على الصوت الآخر. وفي هذه الحال، فإن أموراً كثيرة ستسلك مسلك المنطق عوض الأمر الواقع.
ليس من باب التفاؤل فقط أنه يجوز القول إن لبنان على حافة التعافي، وإنما من وهج الأقوال الرسولية الطيبة بأن حب الوطن من الإيمان، وأن الخروج عنه عقوبة.
ولقد دقت ساعة استعادة وطن، كان على أهبة التهاوي، ثم ها هو على مشارف التعافي. والله الغفَّار والمجيب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وطن على مشارف التعافي لبنان وطن على مشارف التعافي



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه

GMT 21:53 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

جهاز المنتخب الوطني يحضر مباراة الأهلي والإنتاج الحربي

GMT 17:44 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تتصدر أجانب الدوري المصري بـ16 لاعبًا في الأندية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon