توقيت القاهرة المحلي 05:02:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معركة طرابلس والتحضير لحرب الغاز «13»

  مصر اليوم -

معركة طرابلس والتحضير لحرب الغاز «13»

بقلم - جمال طه

فى مقالنا السابق «تركيا تقرع طبول الحرب»، أوضحنا أن خروجها صفر اليدين من معركة الغاز، أصابها باليأس، ما دفعها لانتهاج استراتيجية «حافة الهاوية».. حماقة الاندفاع، قد تشعل فتيل الحرب.. الجيش الوطنى الليبى، حارس الباحة الغربية لأمننا القومى، رصد تكثيف تركيا عمليات دفع الخلايا الإرهابية المقبلة من سوريا، لدعم ميليشيات طرابلس، واتخاذها مركزاً لقيادة تحركاتها فى الشمال الأفريقى، فقرر بدء معركة التحرير.. مخاطرة محسوبة ضمن عملية تجهيز الميدان لـ«حرب الغاز»، وقطع الطريق أمام محاولات استخدام ليبيا كقاعدة انطلاق للخلايا التى تسعى لتكرار تجربة «العشرية السوداء» المريرة فى الجزائر.. «القاعدة» و«الإخوان» برعاية تركية قطرية يشاركان فى موجة جديدة من الفوضى تعصف بليبيا والجزائر، وهما ضمن الأطراف المستهدفة مباشرة من «حرب الغاز».

تحليل «معركة الغاز» على الساحتين الليبية والجزائرية، يفسر كل ما يحدث بهما من تطورات.. ولكن قبلها ينبغى التوقف، للإجابة عن تساؤلات عديدة محورها.. لماذا اختزلت كافة الحروب والمعارك والصراعات الكونية فى «حرب الغاز»؟!، وإجابتى قاطعة؛ الغاز أصبح المحور الأول للصراع الدولى، منذ توقيع الدول الصناعية الكبرى على اتفاقية خفض الانبعاث الحرارى للغازات بالغلاف الجوى فى كيوتو باليابان ديسمبر 1999، بعد أن تسبب فى فقدان قطاع من طبقة الأوزون، وأحدث خللاً مناخياً كبيراً.. الدول الأوروبية، أكبر مستهلك للوقود فى العالم، اعتمدت على الغاز بدلاً من النفط، ولاعتبارات سياسية، حاولت تجنب احتكار روسيا للسوق، بتنويع مصادره.. لجأت إلى غاز بحر قزوين، من خلال مشروع أنابيب «نابوكو»، لكن الخلافات بين دوله، وتفجير الحرب السورية، أجهض المشروع، ما شجع أمريكا على اقتحام أسواق الغاز الدولية.. ترامب فتح السواحل للتنقيب متجاهلاً القيود البيئية، ويسعى للانتهاء من تشييد 6 موانئ لتصدير الغاز المسال، ووضع خطة لبناء 30 ميناء آخر.. زيادة تكلفة استخراج الغاز الصخرى، وارتفاع قيمة النقل، يحدان من قدراته التنافسية، ما يفسر استخدام الحظر على إيران وروسيا كأداة سياسية للإطاحة بالمنافسين، ومحاولة عرقلة مشروع السيل الشمالى 2، وإسقاط الدول المنتجة للغاز فى الفوضى، بفعل الاضطرابات والحروب الأهلية.. العمليات القذرة للمخابرات، ونشاط التنظيمات الإرهابية، وإعلام التواصل، أهم أسلحة «حرب الغاز».. ظاهرة كونية، تفرض الاستعداد، بما يناسب خطورتها.

تركيا وقطر تخوضان أخطر جولات «حرب الغاز» على الأرض الليبية.. قطر تضخ مليونى طن سنوياً من الغاز المسال للسوق الأوروبية منذ 2007، من خلال شركتى توتال وديستريكت جاس، وتركيا وقعت اتفاقاً مع النمسا وبلغاريا ورومانيا والمجر يوليو 2009، يقضى باستقبال الغاز القطرى لتسييله، ثم تصديره لأوروبا، تميم وأردوغان وقعا عدة اتفاقات لتقنين ذلك.. لكن قطر عجزت عن التوسع للوفاء بتطلعاتها المشتركة مع تركيا، بسبب عدة عوامل، الأول: شراء شركة «غازبروم» الروسية حقوق تسويق الغاز النيجيرى «تاسع أكبر احتياطى فى العالم»، واتفاقها على بناء مصافٍ، ومحطات توليد طاقة، ومد أنابيب تصدير لأوروبا عبر الأراضى الليبية، ثم استحواذها على نصف حصة «إينى» الإيطالية فى ليبيا، ما مثل تهديداً لتطلعات قطر نحو الاحتفاظ بمركزها الرائد كمصدر للغاز للسوق الأوروبية.. الثانى: اكتشاف شركة توتال حقل غاز «NC7» العملاق بحوض غدامس، وشراؤها حق الامتياز فيه 2009، بالتنسيق مع قطر فى إطار اتفاق الشراكة الموقع بينها وبين «الغاز القطرية» 2006، لكن ليبيا عرقلت تنفيذه، باشتراطها عدم دخول شريك ثالث فى الاتفاق، ما يفسر قيام فرنسا وقطر بالدور الرئيسى فى الإطاحة بنظام القذافى ونشر الفوضى فى البلاد.. بعد سقوط النظام 2011 نجحت فرنسا فى السيطرة على 35% من الغاز الليبى، بالاتفاق مع المجلس الانتقالى، الذى ربطته بالنظام القطرى علاقات وثيقة.

الطعنة الثالثة الموجهة لقطر من ليبيا كانت فشلها فى الاستحواذ على الغاز الليبى عن طريق شركة «جلينكور» العملاقة للتجارة والتعدين، التى تمتلك نسبة كبيرة من أسهمها، والمشين أنها بمجرد تعيين فايز السراج رئيساً لحكومة الوفاق فى ليبيا أواخر 2015، تمكنت من الحصول على الحقوق الحصرية لتسويق إنتاج حقلى «السرير ومسلة» اللذين يشكلان 20% من الغاز الليبى، إلى أن استولت على حصتها شركتا «بى. بى ورويال داتش شل» نهاية 2018.. الرابعة: فشل عملاء قطر فى ليبيا فى محاولتهم تأسيس مؤسسة للغاز، للسيطرة على عصب الاقتصاد، الذى يمثل فيه الغاز 85% من الثروات الطبيعية الليبية، ما يبرر حرصها على عرقلة أى جهود لتسوية الأزمة الليبية سياسياً، حتى لا تعود لسوق الغاز كمنافس.. المثير أن شكرى غانم، وزير النفط الليبى، الذى وقع اتفاق 2009 تم اغتياله بالنمسا فى أبريل 2012، كما اغتيل كريستوفر مارجيرى، مدير توتال، وشريكه فى توقيع الاتفاق، فى العاصمة الروسية موسكو أكتوبر 2014، عمليات مخابرات وتصفيات جسدية تنطلق من مصالح دول وصراعات كبرى، ترد على كل من يتساءل عن أبعاد المؤامرة التى تتعرض لها المنطقة، ومدى شراسة ومخاطر «حرب الغاز» التى تستهدفنا.

احتياطى الغاز الليبى يبلغ تريليوناً وخمسمائة وثلاثين مليار متر3، فى المرتبة الثامنة عربياً، والـ23 عالمياً، وطاقة إنتاج الغاز المسال 10 ملايين طن/عام بحلول 2025.. بغض النظر عن تفاصيل الموقف السياسى للدول الغربية من زحف الجيش الوطنى على طرابلس، إلا أنه عملياً يعتبر متسامحاً، لأن حفتر تمكن خلال الأعوام الماضية من مواجهة المخططات الإرهابية التى استهدفت منصات الغاز وأنابيب ضخ البترول، وقطع خطوات عملية فى الحد من عمليات الهجرة غير الشرعية، وهذا هو الأهم لأوروبا.. فرنسا تزعجها انعكاسات التدهور الأمنى على أوضاع دول الصحراء، خاصة تشاد والنيجر، ما يفسر اتفاقها مع مصر على وضع حد للتدهور الأمنى، وفرض الاستقرار.. أمريكا أميل لاستمرار الفوضى ما قد يحد من صادرات ليبيا للغاز، ويتيح لها تصدير الغاز الصخرى.. إيطاليا منحازة للسراج، وترى فى استمرار الفوضى إبقاءً للأمل فى استعادة نفوذها على مستعمرتها القديمة.. بريطانيا تؤيد السراج وتدعم الإخوان.. أوروبا ليست فى وضع يسمح لها بالتحرك العسكرى، تجنباً للصدام مع مصر، وخشية إعطاء مبرر للتدخل الروسى دعماً لحفتر، لأن الجيش ربما كان المدخل لاستعادة نفوذها القديم، والاستقرار يسمح بوصول الغاز النيجيرى لأوروبا.. لم نهدف لتغطية حرب طرابلس، بل التأكيد على أن كل ما يحدث تفسيره أن «ليبيا فى قلب معركة الغاز».

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع    

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة طرابلس والتحضير لحرب الغاز «13» معركة طرابلس والتحضير لحرب الغاز «13»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:21 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يشكل لجنة ثلاثية لمتابعة شؤون اللاعبين

GMT 11:47 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة والد الفنانة سهر الصايغ

GMT 20:10 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرارات جمهورية للرئيس السيسي

GMT 22:11 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

طارق يحيى يؤكد أن مرتضى منصور شخصية طبية وودودة

GMT 11:20 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

بيومي فؤاد يصور فيلمه الجديد "بكرة" في الزمالك

GMT 15:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

"أبل" تدرس نقل أعمالها في الصين إلى دول آسيوية

GMT 10:34 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

أسعار العملات العربية اليوم الأربعاء 19-6-2019

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تسريحات شعر من وحي نادين نجيم في "خمسة ونصف"

GMT 14:30 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

50 هدفًا تفصل "ليونيل ميسي" عن عرش "بيليه"

GMT 10:11 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

الأهلي يواجه الزمالك 30 آذار في برج العرب دون جمهور

GMT 20:57 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

إعدام طالب جامعي شنقًا قتل مدرسًا في محافظة البحيرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon