توقيت القاهرة المحلي 23:49:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«داعش» في موزمبيق: ضمير غائب في أفريقيا؟!

  مصر اليوم -

«داعش» في موزمبيق ضمير غائب في أفريقيا

بقلم - يوسف الديني

في المقال السابق تحدثت عن صعود «تنظيم داعش» في القارة الأفريقية عطفاً على سلسلة من الأوهام المتصلة بمقاربات ملف الإرهاب والتنظيمات المسلحة ومآلاتها، وتلقيت الكثير من التعليقات، كان من بينها لماذا موزمبيق؟ وهل الأمر على سبيل السخرية أو المبالغة في الاستعمال الشائع للعامية «ولو في الموزمبيق» دلالة على فعل المستحيل؟

الأمر ليس كذلك، فنحن نتحدث عن ولاية جديدة وغير متوقعة يحرص التنظيم الإرهابي الذي لا يزال نشطاً ومتطوراً على مستوى الخطاب «المتن» وتوابعه من الميديا الضخمة بكل اللغات، وكان آخرها توسعاته غير الاعتيادية في إنتاج خطابات شديدة المحلية، أبرزها باللغات الطاجيكية والسواحلية واللهجات الخاصة بالمجتمعات الأفريقية التي يُشتغل عليها، كما هي الحال وتطوره على مستوى منهجية العمل، والقدرة على التأثير والتمويل.

وجد التنظيم مبكراً في القارة الأفريقية لأسباب تتصل بالحالة الأمنية، وتعدد مناطق التوتر، وسهولة بناء علاقات وثيقة مع زعماء المجتمعات المحلية المنشقة وإغرائهم بالتشاركية في الاقتصاد الموازي والإتاوات في ظل فشل الدولة الوطنية، لا سيما مع عدد من الأقليات على التخوم والأطراف وفي المناطق الوعرة، فضلاً عن حالة تجييش قابلة للانتشار مثل النار في الهشيم تجاه الدول الغربية، خصوصاً ذات الماضي الاستعماري، وأيضاً السلوك الانتهازي فيما يخص مسائل مهمة تتصل بالثروات القومية، وربما كان السبب الإضافي على مستوى لا يخص فقط قارة أفريقيا هو الحرب الشرسة على التنظيمات الأخرى منها «القاعدة» بشكل دولي، و«بوكو حرام»، و«شباب الصومال» على مستوى جهوي وبعض المجموعات التكفيرية ذات الصلة بالتنظيمات الإرهابية المسلحة في الجزائر ومالي.

صعود «تنظيم داعش» في أغلب بلدان أفريقيا خصوصاً في غربها كان ما بعد الخروج من أزمات «كورونا»، وكان هناك الكثير من المعارك التي خلفت مئات القتلى في شمال شرقي الكونغو والنيجر وتشاد ونيجيريا وحتى الكاميرون، وكان أول ظهور علني داخل الشبكات الإعلامية الخاصة بالتنظيم في منتصف عام 2022 قبل عامين من الآن، حيث تم إطلاق منصة خاصة لوكالة «أعماق» ذات محتوى للتنظيمات الإرهابية من فيديوهات وصور لعناصر من التنظيم وهي ترتدي الملابس المميزة للتنظيم، وكتب عليها فرقة الحسبة بولاية غرب أفريقيا، وكان الهدف هو بث الرعب في قلوب السكان المحليين من جهة، والتنويه للمناصرين على البدء بتطبيق مرحلة النفوذ، وإعلان التنظيم عبر الحسبة التي تعني شيئاً مفارقاً للحسبة بالمفهوم التراثي القديم، فهي أشبه بإعلان السيطرة على المجتمع المحلي بالقوة والعنف، وإعادة هيكلته للمفاهيم الجديدة وأنماط الحياة وشروط العيش. وطبعاً صاحب ذلك المحتوى إطلاق حملة ضد المخدرات وتجارها خصوصاً في نيجيريا، ولاحقاً ظهرت تنويعات على تلك الحادثة من تدشين دواوين الحسبة في ولايات غرب أفريقيا في تحدٍ للدولة المركزية وسلطتها، واستمالة المجتمعات المحلية الناقمة على الأوضاع الأمنية والاقتصادية.

وفي السياق ذاته، يمكن القول بأن «تنظيم داعش» في نسخته الأفريقية يحاول كسب الوقت والولاءات، حيث لا تحظى هيمنته وأخبار صعوده وانتشاره بأهمية كبيرة في وسائل الإعلام، لذلك ينشط في بناء مجتمعات محلية وحواضن شعبية لدى طبقة الشباب الغاضب على الحكومات الوطنية، ومنحهم فرصة ممارسة السلطة وتغيير الواقع عبر الانخراط في التنظيم والتدرج السريع جداً في مناصبه القتالية، وذلك بحسب جهد كل منهم وبحسب عنفه!

وخلاصة القول لم تكن موزمبيق البلد مضرب المثل في استبعاد وقوع الشيء ببعيدة عن الحالة الخطرة التي تعيشها قارة أفريقيا في ظل التجاهل، فإقليم كابو ديلجادو، ومقاطعات ماكوميا وتشاي أوركري وميكووكلها تقع شمال البلاد، وتوصف بالغنية بالنفط والغاز باتت الآن تحظى بحضور طاغٍ للتنظيم ومعلن بعد تراجع حملات مكافحته من قبل قوات راوندا، وهي الآن تحت إمرة أبو حذيفة الأنصاري الذي ابتهج برحيل الراونديين على اعتبار أنها البداية للسيطرة على المنطقة، وهو ما أصفه عادة بحالة الفرز أو مرحلة تجريف المجتمعات المحلية المنهجية المحببة لـ«تنظيم داعش»، مثل هروب الأهالي من المدنيين نحو مناطق أخرى، وبقاء التكتلات وأغلبها من الشباب لبناء معسكرات قتالية، وخوض تجربة مغامرة عيش وَهم الدولة / الولاية التي ستغير العالم، وبدء أعمال الحسبة لكسب المناصرين، التي تبدأ عادة باستهداف المعالم الدينية والحكومية، وسرقة مقدرات الدولة، وكل هذه العمليات تتم من قِبل عناصر هم دون الألف تقريباً بداخل موزمبيق!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» في موزمبيق ضمير غائب في أفريقيا «داعش» في موزمبيق ضمير غائب في أفريقيا



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً

GMT 21:47 2019 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

باسم مرسى يشعل السوشيال ميديا بصورة مع زوجته وابنته

GMT 20:14 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة 4 وإصابة 6 في انقلاب سيارة واشتعالها على طريق السويس

GMT 01:10 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بلجيكا أول المتأهلين إلى نهائيات كأس أمم أوروبا

GMT 20:17 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

8 لاعبين في "أشرس صراع" على الكرة الذهبية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon