توقيت القاهرة المحلي 16:38:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغاز غاز غزة!

  مصر اليوم -

الغاز غاز غزة

بقلم - حسين شبكشي

في خضمّ حرب إسرائيل الدموية على أهل غزة، وبعد مرور ثلاثة أسابيع عليها، وجدت إسرائيل الوقت الكافي للإعلان عن منح اثني عشر ترخيصاً للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط لشركات نفط مختلفة من حول العالم من ضمنها شركة «بي بي» البريطانية وشركة «إيني» الإيطالية، وقد كان لافتاً أن بعض هذه التراخيص تقع في مناطق محاذية لبحر قطاع غزة. وهذا يفتح الحديث مجدداً عن موضوع غاز غزة.

وبالعودة إلى ذاكرة الأحداث نرى أن شركة الغاز البريطانية، وفي عام 1999، كانت هي التي اكتشفت وجود غاز في محيط غزة البحري وذلك على بُعد 20 ميلاً بحرياً وبعمق 320 ميلاً وقُدّرت الكميات بتريليون قدم مربعة من الغاز الطبيعي.

كانت اتفاقية أوسلو قد منحت السلطة الفلسطينية الحق في «ممارسة» السيادة على مناطقها البحرية في عام 1995، وبعد 4 سنوات جرى الإعلان عن اكتشاف الغاز ومنحت السلطة الفلسطينية شركة الغاز البريطانية رخصة التنقيب وحصة 90% لمدة 25 سنة، ويتضمن ذلك إنشاء البنية التحتية اللازمة، ومنذ ذلك التاريخ تعيق إسرائيل هذا المشروع وتبعياته.

ففي عام 2002 وافقت السلطة الفلسطينية على مقترحات شركة الغاز البريطانية لبناء خط أنابيب يصل إلى موقع تصفية وتكرير في غزة، واعترضت إسرائيل لإصرارها على أن خط الأنابيب يجب أن يصل إلى ميناء تحت السيطرة الإسرائيلية وأن يباع فائض الإنتاج من الغاز لصالح إسرائيل بتخفيض كبير عن سعر السوق العالمية.

وعندما فازت «حماس» بالانتخابات النيابية في غزة عام 2007 أطبقت إسرائيل الحصار العسكري البحري على غزة، مما منع عملياً أي تطوير في حقول الغاز البحرية التابعة لغزة، وفي الوقت نفسه تحدّت شركة «يام ثيتس» الإسرائيلية المتخصصة في الغاز رخصة شركة الغاز البريطانية في المحاكم الإسرائيلية، مما أدى إلى المزيد من التعطيل والارتباك للمشروع. وفي ديسمبر (كانون الأول) من عام 2008، وضد كل القوانين الدولية، أعلنت إسرائيل سيادتها على محيط غزة البحري، وأدى ذلك إلى أن تغلق شركة الغاز البريطانية مكاتبها في تل أبيب. وفي عام 2016 اشترت شركة «شل» الهولندية حصص شركة الغاز البريطانية في مشروع غاز غزة بمبلغ 52 مليون دولار، علماً بأن الاحتياطي في تلك المنطقة كان يقدَّر بأكثر من 425 مليار دولار أميركي.

وفي عام 2018 خرجت شركة «شل» الهولندية من المشروع الخاص بغاز غزة، وانسحبت منه تماماً من دون إبداء الأسباب.

واليوم تصر إسرائيل بإعلانها المتكرر على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، أن غزة ستكون تحت السيطرة والسيادة الإسرائيلية ولن تعود إلى إدارة الفلسطينيين أبداً. ولا يمكن أن يكون هذا التصريح بريئاً ومن دون إغفال الإغراء المتعلق بغاز غزة خصوصاً في ظل ارتفاع قيمته اليوم كأحد المصادر المرشحة لتوريد الغاز لأوروبا بديلاً عن الغاز الروسي.

ولم تكن هذه مغامرة نتنياهو الأولى للسيطرة على غاز غزة؛ ففي عام 2014 قام بحرب مدمِّرة على القطاع قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية وقتها في وصفها لما حصل: «التنافس على الموارد النفطية كان في قلب المسألة، فإسرائيل لديها الرغبة في السيطرة على مصادر الغاز كافة في المناطق المحيطة بها».

ولعل أهم مَن كتب بتعمق في هذا الموضوع هي الكاتبة الصحافية المتخصصة في الكتابة الصحافية الاستقصائية شارلوت دينيت، وتحديداً في كتابها المهم والمثير: «اتّبع خطوط الأنابيب»، وفيه خصصت أجزاء من كتابها للأساليب غير القانونية التي اتّبعتها إسرائيل لحرمان الفلسطينيين من غاز غزة، وتعطيل كل الفرص التي تمكّنهم من الاستفادة منه.

هذا كله ولم يجرِ التطرق إلى الاحتياطي المؤكد من النفط الموجود في قاع المحيط البحري لغزة وذلك بكميات تجارية ومغرية للغاية. هذا الإغراء المالي والاقتصادي الذي فطن إليه كلٌّ من رئيسَي الوزراء الإسرائيليين السابقين آرييل شارون وإيهود أولمرت، قبل نتنياهو، هو الذي كان من أهم أسباب السياسات العدائية ضد قطاع غزة لإنهاكه وإنهاك أهله حتى تجري العودة إليه بسيطرة مطلقة.

«إنه الغاز يا غبي»، هكذا وصف أحد المحللين المشهد الدموي في غزة وحرب الإبادة الإسرائيلية على سكانها. قصة «والغاز غاز غزة» تبقى مغيَّبة عن تحليل ما يحصل على الأرض مع أن الموضوع في غاية الأهمية وقد يفسر الشيء الكثير الغائب عن الكثيرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغاز غاز غزة الغاز غاز غزة



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon