توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صراع قوى اليمين واليسار الجديد!

  مصر اليوم -

صراع قوى اليمين واليسار الجديد

بقلم - حسين شبكشي

تقام هذه الأيام بطولة كأس أوروبا لكرة القدم، التي يتابعها العالم بشغف واهتمام. وبالنظر إلى أهم المنتخبات المرشحة للفوز بالبطولة مثل فرنسا وألمانيا وإنجلترا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال يلاحظ وجود أعداد كبيرة جداً من اللاعبين أصحاب الأصول الأفريقية، والذين هم أبناءُ مهاجرين، ولكن صورة هذه المنتخبات لا تعكس الواقع السياسي في بلادهم، فهي لا تعكس الصعود الكبير لليمين المتطرف الذي يحمل في مبادئه وأفكاره المؤسِّسة خطاباً عنصرياً معادياً للمهاجرين ومن هم من ذريتهم. والواقع أنَّ الأحزاب اليمينية المتطرفة لم يعد من المنطق ولا العدل أن يستمر الحال بتسميتها اليمين المتطرف وهي تحقق نتائج انتخابية تصل إلى 15 في المائة من إجمالي التصويت. نسبٌ جادة كهذه لم يعد من الممكن الاستمرار بإطلاق «متطرفة» عليها، فهي كتلة مؤثرة في المجتمع، وبالتالي من الأفضل أن تسمى بـ«المتشددة».

واليوم هناك تيارات يمينية يعاد تشكيلها على قالب أشخاص بعينهم، مثل الذي أصاب الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، والذي أصبح قالباً محكماً تماماً على قياس مرشحه الرئاسي الحالي والرئيس السابق دونالد ترمب. والشيء ذاته يحدث في فرنسا مع ذوبان المجد الذي خلَّده يمين ديغول، ومن بعده فاليري جيسكار ديستان، وصولاً لجاك شيراك ليتحول إلى قالب على حجم مارين لوبان. وليست بريطانيا في معزل عن التغيير والتحول الحاصل في التيار اليميني التقليدي، فها هو نايجل فاراج الزعيم اليميني وقائد التأييد الشعبي لـ«بريكست» يؤثر وبشدة على توجهات مرشح حزب المحافظين، ويشتت قاعدة أصواته التقليدية بنجاح حقيقي.

والتطرف والتشدد لم يكونا من نصيب اليمين وحده، ولكنهما طالا اليسار أيضاً، الذي اهتم بحماية حقوق الشواذ والدفاع عن حق زواجهم، والتهديد المناخي بشكل استفزازي وهجومي عنيف جداً.

وهذا المناخ المتوتر كان من الطبيعي أن ينعكس على قطاع الأعمال، وخصوصاً في قطاع التقنية الحديثة وعمالقته. فلم يعد خافياً على أحد وجود تنافس شديد جداً بين إيلون ماسك اليميني، الذي يستخدم منصة «إكس»، التي كانت تعرف سابقاً باسم «تويتر» للدفاع عن آراء اليمين، وبين يسار جيف بيزوس، الذي يستخدم صحيفته «واشنطن بوست» وإنتاجه في «أمازون برايم» للترويج لمبادئ اليسار، وهو ما يفعله أيضاً تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» ومارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة ميتا مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب».

للمرة الأولى يصرح رموز المنتخب الفرنسي بآرائهم السياسية، ويعربون عن قلقهم الشديد جداً من أن يمثلوا بلاداً لا يؤمنون بتوجهاتها الجديدة، في إشارة للصعود اليميني، وتحذير للناخب الفرنسي من أن ينساق خلف الأصوات المتطرفة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي ستكون بعد أيام قليلة. وهذه المسألة التي دعت قائد المنتخب الفرنسي وأهم لاعب في العالم اليوم كيليان مبابي للقول إنه يتمنى ألا تصوت فرنسا للعنصرية. وهي التصريحات التي أعادت إلى الذاكرة مقولة مارين لوبان عن رأيها في منتخب بلادها، والتي قالت فيه إنه مجموعة من المهاجرين وفرنسيين على الورق، ويقودهم جزائري مولود في فرنسا، في إشارة لزين الدين زيدان. وهي آراء لا تبعد أو تختلف كثيراً عن رأي نايجل فاراج، الذي وصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأنه «لا يفهم ثقافتنا»، في رسالة عنصرية واضحة جداً.

اختلفت وتغيرت المبادئ المؤسسة والتقليدية لليمين واليسار، فلم يعد اليمين يضع نصب أعينه تقليص دور الدولة في الاقتصاد وتخفيض الضرائب، وتشجيع القطاع الخاص، وحماية حرية الفرد واحترام المؤسسات كالعائلة والدين والتعليم.

وبات اهتمام اليمين منصباً على التوجس من المهاجرين والثقافات الغريبة بشكل أساسي.

وما طال اليمين طال أيضاً اليسار، وهو الذي كان منغمساً في تحقيق عدالة توزيع الثروة في المجتمع، وأن تكون الأطراف كافة متحملة لمسؤوليتها الضريبية لتطوير جميع القطاعات، وكذلك الاهتمام بحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الأقليات بشكل خاص.

وبات اليسار يهتم اليوم حصرياً بقضايا جانبية مثيرة للجدل. وهذا التغيير الحاصل في الغرب ستنعكس آثاره على سياسات دول مهمة ولافتة ومؤثرة وفعَّالة، مما قد يعيد رسم بعض العلاقات والسياسات الدولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع قوى اليمين واليسار الجديد صراع قوى اليمين واليسار الجديد



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt