توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليس إنصافاً لثورة يوليو بل لتاريخ مصر

  مصر اليوم -

ليس إنصافاً لثورة يوليو بل لتاريخ مصر

بقلم - إقبال بركة

تواجه ثورة يوليو هجوماً عاتياً ممن كان قائدها يطلق عليهم لقب «مجتمع الخمسة فى المائة». وهذا الأمر قد يكون مقبولا ممن جردتهم الثورة من امتيازات كانوا يستأثرون بها دون بقية الشعب ونزعت من أفواههم الملعقة الذهب التى ولدوا بها. أما أن يهاجمها بعض أبناء الطبقة الكادحة الذى وضعهم جمال عبدالناصر على رأس اهتماماته، وأصدر قوانين عديدة يعتبرها البعض من مثالبه، لا لشىء إلا ليسرع بقطار التسوية بين أبناء الشعب الواحد، ويعوض الأبناء عن سنوات حرمان طويلة تحملوها فى صبر، كأنهم ينتظرون مجيئه. إن محاكمة جمال وثورته وزملائه بمقاييس العصر فيه ظلم فادح، ليس لهم فقط وإنما لمصر كلها وتاريخها الممتد. إننا نتغاضى اليوم عن وحشية تعامل الوالى التركى محمد على فى التخلص من المماليك بقتلهم غدرا واحتيالا فى مذبحة مروعة.

لقد دعاهم إلى الاحتفال بميلاد ابنه، وهى مناسبة سارة لا يجوز الاعتذار عنها، وجردهم من أسلحتهم، ثم احتجزهم فى قاعة مغلقة وسلط عليهم حرسه يذبحوهم بلا رحمة. ورغم ذلك مازال الكثيرون يتشدقون بعظمة ذلك الغريب الذى انتزع الحكم من أبناء البلد، واحتفظ بملكية الأرض لنفسه، ثم وزعها على محاسيبه وخدمه، ثم ورث الحكم لأبنائه من بعده. أين هذا مما فعله عبدالناصر؟ نعم كانت له أخطاؤه، وجل من لا يخطئ، ولكننا لا يمكن أن ننكر أن ثورة يوليو كانت أكثر ثورات العالم سلمية، وأنها تعاملت مع الملك فاروق برقى نادر فى الثورات، ولنتذكر ما فعلته الثورة الفرنسية التى وضعت رقاب الأسرة المالكة كها، بما فيها الأطفال، تحت المقصلة، والثورة البلشفية التى أطلقت على أسرة القيصر كلها الرصاص، بينما كانوا ينتظرون ترحيلهم خارج البلاد. والأمثلة كثيرة نذكر بها الذين جعلوا من ثورة يوليو لوحة تنشين يظهرون عليها مهارتهم فى تصويب الادعاءات وتعديد الأخطاء.

أما المرأة المصرية فهى خارج دائرة الانتقام غير المبررة من ثورة يوليو، فقد منحتها الثورة صك العتق من أسر التخلف والتبعية، وحطمت الأغلال التى كانت تطوق عنقها باسم ادعاءات مضللة. وإلى المتباكين على الأسرة التركية المسكينة التى انتُزع منها الحكم وجُردت من أملاكها التى لم تتعب ولم تشق لتكسبها، بل ورثتها عن غير حق، أذكر بعض ما قدمته الثورة للمرأة المصرية.

فى «العهد الذهبى»، وبعد ثورة عظيمة طالبت السيدة هدى شعراوى أثناء كتابة دستور 1923 بإدراج حقوق المرأة السياسية ولم يستجب لطلبها سياسى واحد. وعهد «المفترى عليه الملك فاروق» طالبته السيدة درية شفيق بإصدار قانون بمنح المرأة المصرية حقوقها السياسية، وعندما التقى فى نادى الصيد بزوجها قال له: قل لزوجتك إن هذا لن يحدث طول ما نا عايش فى الدنيا. أما زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس فقد أمر باعتقال درية شفيق وتحويلها للمحاكمة، لأنها أصرت على لقائه. فماذا فعلت ثورة يوليو؟ أعلنت المساواة بين كل أبناء الشعب، وألغت الألقاب التى كانت تميز «الارستقراطية»، فهذا بك وهذا باشا وذاك «سمو الأمير» وتلك «ربة العفاف»... وفى دستور الثورة الجديد 56 مهدت للتغيرات الجذرية التى أحدثتها الثورة فى المجتمع المصرى وفى حياة المواطن المصرى، وبالذات المرأة المصرية. اعترف الدستور لأول مرة فى تاريخ مصر بحقوقها السياسية، وفى أول انتخابات بعد صدوره فازت السيدتان راوية عطية (القاهرة) وأمينة شكرى (الإسكندرية) بعضوية مجلس الأمة، ومازال تمثيل المرأة للشعب المصرى مستمرا حتى يومنا هذا. وفى قوانين العمل منحت الثورة المرأة المصرية حقوقا لم تكن تحلم بها من قبل، فساوت بينها وبين زميلها فى الأجر وفرص التدريب والترقى والحصول على كل المناصب، وأضافت امتيازات أخرى لها بصفتها راعية الأسرة والطفل.

من الذى ينكر أن أفضال ثورة يوليو امتدت خارج حدود مصر إلى نساء كل الدول العربية والأفريقية، فقطفن ثمارها وسبقن نساء الدول المتحضرة وحصلن فى دولهن على مناصب كانت محرمة عليهن مثل الوزيرة والسفيرة... إلخ.

لقد كانت ثورة يوليو وستظل نقطة مضيئة فى تاريخ مصر، ولا يحاول أن يطفئها سوى أعداء الشعب خاصة، واليوم بالذات لا يليق بنا أن تنسى أفضال ثورة 23 يوليو على المرأة العربية التى تعصف بها موجة عاتية من الأفكار المتخلفة، ولا يمكن أن نتجاهل فضل جمال عبدالناصر، زعيم مصر وكل العرب طوال الخمسينيات والستينيات، علينا، بينما ديماجوجيات غوغائية تنعق من الفضائيات العربية، مطالبة كل الشعب بالتراجع إلى عصور الظلام.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس إنصافاً لثورة يوليو بل لتاريخ مصر ليس إنصافاً لثورة يوليو بل لتاريخ مصر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt