توقيت القاهرة المحلي 09:57:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لغة الملائكة

  مصر اليوم -

لغة الملائكة

بقلم - خديجة حمودة

من أجمل اللقطات أن تستيقظ على حوارات عالية الصوت رقيقة ودقيقة النغمات تبدو كأنها صادرة عن آلة موسيقية تستعد للعزف وتقفز على درجات السلم الموسيقى، إلا أنه سرعان ما تكتشف أنها صادرة من أصدقائك الذين يشاركونك الحياة فوق أغصان الشجرة الملاصقة لبيتك ونافذتك.

وفى عالم الطيور اعتدنا أن نستمع إلى أرقى الحوارات وأمتعها، فنشعر كأن تلك الأصوات تعزف سيمفونية عالمية ساحرة تحكى قصص الإعجاب والغزل والغرام والوفاء والحفاظ على مشاعر الحبيب ومواساته والالتصاق به واحتضانه تحت الجناح لتدفئته ومساعدته والتنازل له عن الطعام بكل رضا وسعادة والإحساس بالمسئولية وضرورة دعمه وبناء العش الذى يحتضن داخله الصغار ويدافع عنه ضد أى معتدٍ.

وقد تحدث الفلاسفة القدماء كثيراً عن لغة الطيور وأسرارها وعلاقتها بالبشر، حتى إن بعض الطرق الصوفية قالوا عنها (لغة الملائكة)، وكتب عنها المؤرخ البريطانى (هارولد بيلى) كتاباً كاملاً تحت اسم (اللغة الضائعة للرموز)، أشار فيه إلى أنها كانت تسمى أحياناً (اللغة الخضراء)، وأكد أن فهمها يعزز علاقة الإنسان بالطبيعة ويعمق فهمه لها ويقال عنها أيضاً إنها أول لغة خلقها الله فى الكون وكانت لغة جميع المخلوقات بما فيها الإنسان الأول.

وفى الموسوعات وكتب التاريخ القديم وصفت اللغة الهيروغليفية بأنها (أبجدية الطيور)، ولم يتوقف الأمر على ذلك فقط، فقد دخلت لغة الطيور الموسيقى المعاصرة، حيث ألّف الموسيقار الفنلندى (جان سيبيليوس)، فى مطلع القرن الماضى، قطعة موسيقية بعنوان (لغة الطيور)، وإذا نظرت إلى مجموعة من الطيور الصغيرة ستشعر بدفء المشاعر وقوة الاحتياج الذى تترجمه تلك المخلوقات الدقيقة بالاقتراب والالتصاق وترتيب مجموعاتها حتى فى أثناء الهجرة من قارة لأخرى فتبدو كما لو كانت جيوشاً عسكرية متلاحمة مرتبة منسقة تتحرك خلف قائدها فى مشهد مهيب.

ويبدو أننا نحن البشر فقدنا الكثير مع الوصول للعالمية وسط التكنولوجيا والأجهزة المعقدة التى تفصلنا عمن حولنا وتغلق علينا جميع الحواس بحجة واهية لا طعم لها ولا معنى وهى (الخصوصية) التى فرقت الأحبة وفتتت جميع العلاقات وألغت التجمعات.

فإذا كنت من المتابعين للظواهر الاجتماعية والتغيرات التى تطول المجتمع، فلا بد أنك أحسست وشاهدت نزعة الاستقلال التى سيطرت على الأجيال الجديدة وعلى الفتيات وساهمت فى إفشال المئات من الزيجات والعلاقات، والغريب أن تلك الظاهرة لم تقابلها أى مقاومة أو رفض من الشباب، بل وصل الأمر للتشجيع من العائلات وحث الفتيات على العمل والدراسة والسفر دون ارتباط، ويكفى أن تلاحظ الانفصال الذى حدث فى المجتمع بين عالمى الفتيات والشباب، فالجماعات التى تسافر أو تقيم الاحتفالات الخاصة غالبها تميل إلى التمييز إلى حد ما.

وعلى أطباء علم النفس والاجتماع دراسة تلك الظاهرة المفزعة التى ستقضى على كل صور المشاعر الإنسانية وعلى تلك اللقطات الرومانسية التى اعتدنا رؤيتها والاحتفاظ بها فى صناديق الحب والذكريات حتى لا تنتحر المشاعر الحقيقية والأحلام، ولا مانع أن تكون لغة الملائكة هى دليلنا وطريقنا إلى السعادة، خاصة بعد أن أثبتت الدراسات أن بعض النظم الصوتية التى تستخدمها الطيور شبيهة بتلك الموجودة فى اللغات البشرية، بل ويمكن القول إن أغانى الطيور تضبط التناغم بين موجات أدمغتنا والموجات الصوتية التى تمتلئ بها الأرض والكواكب من حولنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغة الملائكة لغة الملائكة



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt