توقيت القاهرة المحلي 00:39:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المنطقة الآمنة فى سوريا.. تمرير مريب لمستقبل غامض

  مصر اليوم -

المنطقة الآمنة فى سوريا تمرير مريب لمستقبل غامض

بقلم: خالد عكاشة

لم تكف تركيا، طوال سنوات المأساة السورية الممتدة من عام 2011 وحتى اليوم، عن الحديث أو بالأصح المطالبة بضرورة وجود منطقة آمنة داخل الأراضى السورية، على طول مساحة كبيرة من الشريط الحدودى المتاخم للأراضى التركية.

فى الوقت الذى ظل الحديث عن عمق تلك المنطقة، وطرق السيطرة عليها وشكل إدارتها والجهة المنوط بها ذلك، هى حزمة من القضايا الخلافية التى تراوح مكانها بحسب موقع تركيا من الأحداث، ومن الأطراف القادرة على تمرير هذا الطرح ودعمه. ثمانى سنوات كاملة على قدر ما تقلبت فيها الأحداث صعوداً وهبوطاً، مداً وجزراً للقدرات والنفوذ التركى لم تتخل أنقرة عن هذا المخطط، ليس فقط باعتبار المنطقة الآمنة ستمثل سياج حماية من الجوار «الكردى»، بالنظر للمكون السكانى الرئيسى لتلك المنطقة، بل ذهبت الهواجس السورية إلى اعتبار المخطط يستخدم توصيفاً مراوغاً، لحقيقة الطمع التركى فى «إسكندرونة» جديدة، حيث تمثل لها مكسباً مستحقاً وفق قناعاتها وتعويضاً عن كم الإنفاق الهائل، الذى بذلته أنقرة على مذبح النيران التى لم تهدأ حتى اليوم.

هذا الاستحقاق الافتراضى ظل حاضراً فى ذهن المشروع الأردوغانى لا يغادره، وبنيت كافة تخريجات التوافقات لتصل بصورة أو بأخرى لنهاية من هذا النوع، جرى البعض منها مع أعداء الأمس «روسيا، وإيران»، حيث بذلت لهم أنقرة تنازلات عديدة من أجل ضمانة أن تحصل على موافقتهما أو صمتهما المضطر على الأقل.

وأخرى مع حلفاء الضرورة «الولايات المتحدة» ودول التحالف الدولى الغربية، الذين لم يهضموا فى البداية أن تكون «منطقة» بهذا التوصيف، هى الجائزة التى عليهم السماح بنقلها بسهولة إلى الأيادى التركية. قبل أن تمارس عليهم أنقرة أكبر وأعقد «عملية ابتزاز»، ربما بدأت بفتح أبواب اللاجئين السوريين لتغرق تلك البلدان بالملايين من البشر، ولم تنتهِ بالضغط على الأعصاب الأمريكية والأطلسية، من خلال التقارب الفعال مع روسيا فى مضمار السلاح والطاقة وغيرهما من الملفات الرئيسية المؤثرة.

وقد أدارت أنقرة تلك العملية بمهارة ودأب، دفعت خيارات الحلفاء المرهقين إلى مناطق لم يكونوا يظنون يوماً أنهم بالغون إياها.

الأسبوع الماضى، أعلنت تركيا بلهجة انتصار لم تخفها نجاحها أخيراً، فى التوصل إلى اتفاق مع الجانب الأمريكى حول إنشاء «مركز عمليات مشتركة»، لإدارة المنطقة الآمنة رغم عدم توصل الطرفين حين الإعلان إلى معالم واضحة لتلك المنطقة، وإمعاناً فى الضغط التركى على أعصاب الجانب الأمريكى، الذى رفض الأمر عشرات المرات سابقاً، ألحقت أنقرة الإعلان بإشارة واضحة أن هذا الاتفاق جنّب منطقة «شرق الفرات» هجوماً تركياً كان وشيكاً، وأنه ظل على أهبة التنفيذ بالقوات المخصصة له، فى انتظار التوقيت من رئاسة أركان الجيش التركى.

وفى هذا كانت الإفادة خاصة بالوفد الأمريكى (6 عسكريين)، الذى عقد اجتماعاته التنسيقية الأولى مع نظيره التركى فى ولاية «شانلى أورفة» جنوب تركيا.

المباحثات بين الطرفين جرت على مدار أيام ثلاثة، قبل الإعلان السالف يوم الأربعاء الماضى. والتفسير التركى للاتفاق أنه جرت الموافقة على تنسيق «العمل المشترك»، فى إقامة وإدارة «منطقة فاصلة» داخل الأراضى السورية، بين الحدود التركية والمناطق التى تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية المدعومة من الولايات المتحدة. وأن هذه المنطقة وفق ذات التفسير ستصبح «ممر سلام» يتيح للجانب التركى اتخاذ كافة التدابير الإضافية لضمان عودة السوريين إلى بلادهم. بعد مرور أسبوع تقريباً على الإعلان، من المؤكد أن توافقاً ما قد جرى تمريره رغم عدم الإفصاح الثنائى على جدول زمنى للتنفيذ، أو عمق «المنطقة» داخل الأراضى السورية، ولا على القوات التى ستنتشر فيها. وهى المعضلات الرئيسية التى ظلت معلقة طوال فترات الإلحاح التركى، لكنها اليوم لديها بعض الإجابات القادرة على الأقل على إطلاقها على لسان وزير دفاعها «خلوصى آكار»، الذى خرج على شبكة «تى آر تى» الرسمية غداة الوصول للاتفاق على «مركز العمليات المشتركة»، ليقول: «كررنا القول فى كل المناسبات، أن عمق هذه المنطقة يجب أن يكون ما بين (30 و40 كيلومتراً)». فى الوقت الذى تدور كافة التصريحات الرسمية غير النهائية للجانب الأمريكى عن عمق يتراوح بين (5 إلى 15 كيلومتراً)، هذه ترجمة واقعية للخطوط التى يتفهم أنه سيبدأ كلاهما الحديث منها، وسيصلان فى النهاية إلى خطوط تتعرج هنا وتتقلص هناك، لكن ما بدا حتى الآن أن المشهد قد تجاوز المحظورات الأمريكية السابقة، ووصل أخيراً إلى النهاية التركية شبه السعيدة.

المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «شون روبرتسون» ذكّر بأن آلية الأمن سيتم اعتمادها على مراحل، لكنه أكد أن البنتاجون جاهز للبدء فى تنفيذ بعض الأنشطة بسرعة، فى الوقت الذى ستستمر فيه المباحثات مع الجانب التركى. وهذه الأخرى هى الترجمة للموقف التنفيذى والتفاوضى ما بين الطرفين اليوم، حيث تمثل نقلة وقفزاً كاملاً على المحظورات الأمريكية السابقة التى ظلت حاضرة، طوال فترة «الجنرال/ جوزيف فوتيل» الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية، وهو ما دفعه لأن يكتب مقالاً شديد اللهجة، على موقع «ناشيونال إنترست» الشهير بعد هذا الاتفاق، يحذر فيه بوضوح من أن منطقة آمنة سورية تسيطر عليها تركيا، «ستخلق مشاكل أكثر لكل الأطراف هناك».

حيث اعتبر «فوتيل» أن فرض تلك المنطقة بعمق (30 كيلومتراً) شرق الفرات، ستكون له نتائج عكسية، منها على الأرجح التسبب بنزوح 90% من السكان الأكراد، ومفاقمة الوضع الإنسانى الذى يشكل حالياً تحدياً بالغاً، وخلق بيئة مثالية لمزيد من النزاعات. هو صوت أمريكى رغم أهميته سيضيع وسط ضجيج الآليات التركية الاحتفالى، التى ستؤسس فى الشمال السورى لمستقبل أكثر غموضاً خاصة مع الصمت الروسى، من مجرد اعتباره صناعة لـ«احتلال» أو ابتلاع تركى على غرار «لواء إسكندرونة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنطقة الآمنة فى سوريا تمرير مريب لمستقبل غامض المنطقة الآمنة فى سوريا تمرير مريب لمستقبل غامض



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon