توقيت القاهرة المحلي 10:42:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يعيش الاستقلال الرقمي... يعيش!

  مصر اليوم -

يعيش الاستقلال الرقمي يعيش

بقلم: مشاري الذايدي

في الماضي، القريب وليس البعيد، كانت مفردة «الاستقلال» في القاموس السياسي والتاريخ الوطني، تعني تحرير الأرض - بالمعنى الجيولوجي والديموغرافي يعني الأرض ومن يسكن عليها - من هيمنة الأجنبي، أو عملاء الأجنبي.
مثلاً، تحرير فرنسا من النازي الألماني وعميله الفرنسي «فيشي»، تحرير الهند من المستعمر البريطاني، تحرير الجزائر من المحتل الفرنسي، تحرير الصين من الجيش الياباني الأحمر... الخ
يتبع هذا التحرير المادي للأرض وسكانها، تحرير الاقتصاد وبقية مقومات الدولة، تحرير بمعنى تحرير القرار السياسي، وليس بمعنى «الانعزال» الاقتصادي عن الحركة العالمية، فهذا ضرب من المحال... والتزمّت العقائدي.
هذا كان معنى الاستقلال والتحرير في الماضي القريب، اليوم، يعني منذ عقد وأقل من السنين، نحن أمام احتلال بشكل جديد، ونخبة مغايرة من المحتلين، وتعريف جديد للشيء الذي وقع عليه فعل الاحتلال، ومعنى حادث لمفردة الاستقلال الوطني، على غير مثال سابق.
ذلكم هو «الاحتلال الرقمي» ولعلّ حادثة «قمع» شركات السوشيال ميديا العملاقة، لشخص بقيمة وقوة وشعبية، الرئيس الأميركي دونالد ترمب، و«إعدامه» رقمياً بحذف حساباته، ومنها حسابه الأشهر على منصة «تويتر»، وملاحقة كل من يؤيد الرئيس، أو بمعنى أصرح من يعارض توجهات وسياسات اليسار الأميركي الأوبامي، فهو عرضة للشطب والمحو والمحق، والنبذ، باسم الديمقراطية والحرية، بل وباسم الدولة نفسها... وتشريع وتسويغ ذلك... هذا كله هو الأمر الخطير الذي ستكون له تبعاته الارتدادية على المديين المتوسط والطويل، خارج أميركا نفسها، وعركتها الظرفية الحالية مع ترمب والترمبية.
الخلاصة الخطيرة من «بلطجة» «تويتر» و«فيسبوك» و«غوغل» وغيرها ضد من يخالف المعايير المعتمدة من قبلهم للأخلاق والقيم والصواب والخطأ، ستجبر الطرف المعارض لهذه المعايير على «المقاومة»... كيف ومتى وبماذا ستكون هذه المقاومة؟ هذا حديث مبكّر.
انظر، لديك المشهد الحالي: «ملاحقة» جمهور الرئيس ترمب، وشيطنتهم بالكامل، والتعامل معهم مثل «الأذى» الذي يماط عن الطريق.
لم يخنع أنصار ترمب، وهم بعشرات الملايين، والتقارير تتحدث عن ذهابهم إلى منصات أخرى للتعبير عن مواقفهم، مثل «غاب» بدل «تويتر»، و«ميوي» بدل «فيسبوك»، و«تلغرام» وتطبيق «ديسكورد» الخاص بمحبي الألعاب.
لكن ثمة دعوات لإعدام هذه المنصات، وقبلها شركات «غوغل» و«أبل» و«أمازون» حجبت موقع «بارلر»، رديف «فيسبوك» للمحافظين!
إيمرسون بروكينغ، من «المجلس الأطلسي للدراسات» وهو معادٍ لترمب كما هو واضح، قال عن معارضي الأوبامية: «هذه الحركات أشبه بالتلوث». وهو يوصي بتشارك التقنيات بين الشبكات المتنافسة لـ«فرض» الاعتدال! لاحظ المزيج العجيب بين كلمتي «فرض» ثم «الاعتدال».
جون فارمر، من معهد «نتوورك كونتيجن ريسيرتش إينستيتيوت» دعا لتدخل الحكومة في التحكم بالإنترنت. لا ندري أي حكومة يعني... وهل يسري ذلك على حكومة ترمب سابقاً؟!
بعبارة أجلف، يطلبون «تأميم» الإنترنت لصالح «الرفاق» من الجبهة الثورية الأوبامية... حسب قاموس الحمر القدامى!
هناك قوى تحاول المقاومة، مثل روسيا، التي تريد صناعة شبكة إنترنت خاصة بها أسوة بالصين، وأكيد لديها أسبابها السياسية أصلاً، لكن هل يمكن فعلاً تحقيق الاستقلال الرقمي... أم سبق السيف العذل؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يعيش الاستقلال الرقمي يعيش يعيش الاستقلال الرقمي يعيش



GMT 02:24 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المنطقة و«اللمسات الأخيرة»

GMT 02:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

بقاء الفلسطيني... وأزمة الانتماء

GMT 02:18 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

... عن مفهوم «الجنوب العالمي» الرائج اليوم

GMT 02:15 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

قفطاننا وليس قفطانكم

GMT 02:10 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

مستقبل التنمية لم يعد كما كان!

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:21 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يشكل لجنة ثلاثية لمتابعة شؤون اللاعبين

GMT 11:47 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة والد الفنانة سهر الصايغ

GMT 20:10 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرارات جمهورية للرئيس السيسي

GMT 22:11 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

طارق يحيى يؤكد أن مرتضى منصور شخصية طبية وودودة

GMT 11:20 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

بيومي فؤاد يصور فيلمه الجديد "بكرة" في الزمالك

GMT 15:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

"أبل" تدرس نقل أعمالها في الصين إلى دول آسيوية

GMT 10:34 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

أسعار العملات العربية اليوم الأربعاء 19-6-2019

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تسريحات شعر من وحي نادين نجيم في "خمسة ونصف"

GMT 14:30 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

50 هدفًا تفصل "ليونيل ميسي" عن عرش "بيليه"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon