توقيت القاهرة المحلي 12:48:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تونس بين حريقين

  مصر اليوم -

تونس بين حريقين

بقلم - مشاري الذايدي

يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) أحرق بائع الخضار، المتجول، على عربته، نفسه، في ميدان من ميادين مدينة سيدي بوزيد جنوب تونس، احتجاجاً على الحال وغضباً من السلطة، وكانت، كما قيل لنا، مأساة إحراق الشاب البوعزيزي، الذي قيل لنا أيضاً إن سبب انتحاره المباشر هو لطمة شرطية له، هي السبب في اندلاع «الثورة» ثورة الياسمين كما وصفت في تونس، والباقي معلوم.
قبل أيام أقدم الشاب التونسي، عبد الرزاق رزقي، يعمل مصوّراً في قناة تلفزيونية خاصة، على إحراق نفسه، في مدينة القصرين، وسط غرب تونس، احتجاجاً أيضا على ما احتج عليه من قبل، المسكين محمد البوعزيزي، نفسه. زملاء المصوّر الصحافي المتوفى أشاروا إلى أن رزقي كان يعاني من مشكلات اجتماعية مما أثر على حالته النّفسيّة وجعله يقدم على حرق نفسه.
السؤال لماذا لم يثر احتراق رزقي النتيجة نفسها التي أثارها احتراق البوعزيزي من قبل؟
قيل لنا إن ذلك كان سبب خلع النظام الحاكم في تونس، نظام بن علي، حينذاك، حيث غضب التوانسة من الحال التعيسة التي جعلت الشاب المسكين، المهان من لطمة الشرطية وإهانتها له (تبين لاحقاً زيف قصة الشرطية!)، يحرق نفسه، وترجموا هذا الغضب على شكل ثورة ودستور جديد وهرب الرئيس الحديدي زين العابدين بن علي. اليوم حركة النهضة التي باركت وشاركت بثورة التوانسة، جزء من السلطة، وكذلك بقية الثوار من كل التيارات، ومع ذلك لم يتغير شيء يجعل شاباً تونسياً يمتنع عن إحراق نفسه، وهو هذه المرة ربما أكثر وعياً وثقافة من بائع الخضار.
المراد قوله من كل هذا هو أن تفسير الانقلابات السياسية الكبرى، بسبب وحيد، ناهيك من أن يكون سبباً ساذجاً، تفسير منقوص وخادع. فلا يكفي أن يتحرك الشارع أو أن يحرق إنسان نفسه أمام الجميع، لتتغير الحال رأساً على عقب، فحالة تونس الاقتصادية والسياسية، لن يصلحها، فجأة، تدفق الناس للشارع وتمزيق الصور والهتاف بسقوط النظام... و«لقد هرمنا».
طريق التغيير يمرّ عبر مسار شاق، أمياله كثيرة، محطاته كثيرة، يحتاج لتعبئة كل الطاقات، ونعم، يحتاج إلى صبر على تغيير هوية الاقتصاد، وتحفيز الإنتاج، وجلب الاستثمار الخارجي، وتحقيق السكون العام، ومحاسبة الفاسدين و«محاصرة» الفساد بأقسى شكل ممكن... أما غير ذلك من الحلول «النارية» فهو شعلة متوهجة سرعان ما تموت بماء الحقيقة.
رحم الله البوعزيزي من قبل والرزقي الآن، غير أن صلاح الحال التونسي، موجود في مكان، ليس في عربة بائع الخضار ولا في كاميرا المصور اليائس.
هل يثير هذا كله السؤال، عن حقيقة ما جرى وتفسيره في تونس، إبّان الربيع العربي، على غير ما قيل لنا من قبل؟

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس بين حريقين تونس بين حريقين



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 22:56 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

إيدين دغيكو يصنع التاريخ مع روما

GMT 18:14 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محمد هاني يتعرض لكدمة قوية في الركبة

GMT 02:04 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اللقطات الأولى لتصادم 4 سيارات أعلى كوبري أكتوبر

GMT 16:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

مقتل 3 مواطنين وإصابة 4آخرين في حادث تصادم في المعادي

GMT 07:05 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أجمل ديناصور في العالم بألوان مثل طائر الطنان

GMT 06:33 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار الحديد في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 21:12 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يعترف بتلقي مؤمن زكريا لعرض إماراتي

GMT 00:34 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النصائح الخاصة بإدخال اللون الذهبي إلى الديكور

GMT 12:51 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد ناجي يمنح محمد الشناوي وعدًا بالانضمام للمنتخب

GMT 14:37 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعدام شنقًا لـ7 من أعضاء خلية "داعش" في مطروح

GMT 13:23 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"الخطيب" يدعو أعضاء الأهلي لحضور ندوته الرسمية في الجزيرة

GMT 02:07 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الدولار الأحد في السوق السوداء الأحد

GMT 17:42 2014 الجمعة ,15 آب / أغسطس

حدوث هبوط أرضي في حي الكويت في السويس

GMT 14:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب يطلب زيادة تذاكرة في مواجهة غانا

GMT 20:56 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إسبانيا تودع 2017 من دون خسارة وتحلم بنيل كأس العالم

GMT 10:06 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي يدخل السباق الرمضاني بمسلسل كوميدي

GMT 19:16 2015 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على سلحفاة ضخمة نافقة على أحد شواطئ بلطيم

GMT 23:56 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

الأميركية روفينيلي تمتلك أكبر مؤخرة في العالم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon