توقيت القاهرة المحلي 12:01:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صناعة الإعلام في عين العاصفة

  مصر اليوم -

صناعة الإعلام في عين العاصفة

بقلم - سلمان الدوسري

يزداد غموض إعلام المستقبل يوماً بعد الآخر. كل يوم تظهر إمكانات تقنية جديدة ومصادر معلومات مختلفة. عشرات التطبيقات تدخل ساحة المنافسة يومياً. «أمازون» يخطط لمنافسة «يوتيوب». «واتساب» يأخذ من حصة «سناب شات». «تويتر» يرغب في حصة من مستخدمي «فيسبوك». مستخدم جديد لوسائل التواصل الاجتماعي كل 15 ثانية. 62 مليار رسالة يومياً على تطبيقي «فيسبوك» و«واتساب». 8 مليارات مشاهدة يومياً للفيديو على «فيسبوك» و«سناب شات». المشاركة حلت مكان الاستقبال والتلقي. ولم تعد وسيلة الإعلام تتصدر المشهد، فالمتلقي فرض نفسه عنصراً قوياً لا يمكن تجاهله. المهم هنا أين تقف وسائل الإعلام أمام هذه العاصفة الهوجاء؟! ربما من السهل توصيف أزمة الإعلام التقليدي، وتراجع انتشاره وتأثيره وانحساره، بعد أن تسيّد الساحة طويلاً، لكن في الوقت ذاته، لا يوجد من يستطيع أن يحدد المسار المقبل لمستقبل الإعلام، وما هي الوسيلة الإعلامية أو النموذج الأمثل التي سيحل بديلاً للإعلام التقليدي.

إذا كانت الصحافة الورقية تتعرض لتحديات غير مسبوقة، نتيجة تراجع نسب القراءة، مصحوباً بتراجع عائدات الإعلان، فإن الأزمة لم تعد محصورة بها فحسب، وإنما تعدتها لتصل إلى التلفزيون الذي سجل في 2017 ولأول مرة تراجعاً في عائدات إعلاناته لصالح الإعلان الرقمي، أما من يعتقد أن مواقع الإنترنت في مأمن من الثورة التقنية، فعليه أن يراجع حساباته، فعملاقا الإنترنت «فيسبوك» و«غوغل» يستحوذان على 60 في المائة من عائدات الإعلانات الرقمية، بمعنى إذا كانت القنوات الفضائية تنافس بعضها، وكذلك الصحف تفعل الشيء نفسه للحصول على حصة من كعكة الإعلانات، فإن المواقع الإلكترونية الإخبارية تنافس «فيسبوك» و«غوغل»، فإذا أضفنا أن خدمة الدفع مقابل القراءة أو المشاهدة إلكترونياً محكومة بالفشل في العالم العربي، لعدم وجود قوانين الملكية الفكرية التي تمنع السطو على المحتوى، فإن الصورة تبدو قاتمة جداً على واقع الإعلام.
وسائل التواصل الاجتماعي بالطبع هي الغول الذي هدّد أسطورة الإعلام التقليدي، فهي الأكثر انتشاراً وحتى تأثيراً، حيث لم يعد المستخدمون يهتمون بوسيلة الإعلام ذاتها، وإنما بالعلاقة معها، لذلك لا تستغرب أن هناك من يستقي أخباره ومعلوماته من «واتساب»، ويسعى لإقناع الآخرين بمعلومة ليس لها مصدر، المصدر الوحيد هو «واتساب»! فمع ظهور أي تقنية جديدة، يشعر الناس بالحماس والاهتمام والارتباط المذهل بها، مع التذكير أن الأخبار ذات المصداقية التي تنشر في «تويتر» و«فيسبوك» وغيرها لا تعدو كونها نقلاً لما تبثه وسائل الإعلام الأخرى، فوسائل التواصل لا تملك محتوى إخبارياً ولا تنتجه، وما يربط المستخدمين فيها، على حساب الوسائل التقليدية، أنها تقدم الشغف والمتعة، والأسبوع الماضي أظهر استطلاع جديد للرأي نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، أن 24 في المائة فقط من البريطانيين يثقون بمواقع كـ«فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» فيما يتعلق بالبحث عن الأخبار والمعلومات. وفي الولايات المتحدة قال المشاركون في استطلاع أجراه معهد غالوب وسط 20 ألف أميركي تقريباً، إنهم يثقون أكثر في أخبار الصحف وقنوات التلفزيون الرئيسية الوطنية. ويثقون أقل بأخبار مواقع التواصل الاجتماعي.
لا جدال أن وسائل التواصل الاجتماعي أضفت متعة وشغفاً على طريقة تلقي الأخبار، وأضحى الارتباط بها أكثر بكثير من الارتباط بوسائل الإعلام التقليدية، وهذا ما يشكل تهديداً حقيقياً على مضمون الرسالة الإعلامية، وكيفية وصولها دون تشويش للمتلقي، صحيح أن الرسالة الإعلامية عبر وسائل التواصل أصبحت أكثر انتشاراً وتنافسيةً وإمتاعاً، لكنها في الوقت ذاته أكثر عرضة للاختراق والتشويه والتزوير، وهنا يكمن التحدي الكبير في إمكانية الحفاظ على رصانة ودقة الرسالة الإعلامية وسط سيل من الفوضى غير المسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يمكن القول: إنها الأكثر انتشاراً، وهي أيضاً الأقل مصداقية، باستثناءات حسابات بعينها لا تشكل إلا نحو 1 في المليون من مليارات الحسابات التي يمتلئ بهم الفضاء الإلكتروني.

مع غياب أي نموذج واضح لإعلام المستقبل، الذي لا شك سيكون رقمياً بالدرجة الأولى، فإن النافذة الوحيدة الباقية أمام الإعلام التقليدي لمواكبة هذه العاصفة الهوجاء، هو الحفاظ على ماركات إعلامية تتمايز وتختلف عن بعضها بالمحتوى والنوعية، سواء كان ذلك على الورق أو الجوال أو الشاشة في المنزل أو المكتب، أو ربما مستقبلاً في شريحة صغيرة مزروعة داخل جسم الإنسان، الأكيد أن نهاية عصر الجريدة المطبوعة، مثلاً، لا تعني بالضرورة نهاية عصر الصحافة، فالماركة الإعلامية المتميزة وحدها القادرة على البقاء في عين العاصفة، حتى وإن كان النموذج البديل غائباً ولم يخلق حتى الآن.

نقلا عن الشرق الأوسط القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صناعة الإعلام في عين العاصفة صناعة الإعلام في عين العاصفة



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 17:19 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا
  مصر اليوم - لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا

GMT 11:25 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تهاجم الشللية في الوسط الفني بسبب نجلها
  مصر اليوم - شمس البارودي تهاجم الشللية في الوسط الفني بسبب نجلها

GMT 06:13 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 02 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 04:43 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تدعم حظر الهواتف المحمولة في المدارس الابتدائية

GMT 02:17 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

فيسبوك تقضي على Zoom بعد إطلاق App Lock

GMT 19:18 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حريق محدود بـ كابل كهرباء في الطالبية بمحافظة الجيزة

GMT 17:32 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

22 لاعبًا في قائمة الزمالك لمواجهة الإسماعيلي في الدوري

GMT 14:01 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 10:28 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إنفانتينو يقرب السعودية من تنظيم كأس العالم 2034

GMT 20:45 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

انطلاق كأس العالم للرماية الأحد المقبل

GMT 23:18 2021 الأربعاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

أبرز 5 سيارات كورية طرحت في السوق المصري لعام 2021

GMT 09:05 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

طريقة عمل الروستو

GMT 10:12 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

والدة طفلة التعرية ترفع قضية إثبات نسب جديدة

GMT 06:22 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

السيسى يصدق على تعديل بعض أحكام قانون السجل التجارى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt