توقيت القاهرة المحلي 10:49:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بطالة الـ 6 ساعات!

  مصر اليوم -

بطالة الـ 6 ساعات

بقلم - دينا عبد الفتاح

يبدو أن الدولة برغم الظروف الصعبة التى تمر بها، والمرحلة الفاصلة التى تعيشها تحت شعار «أكون أو لا أكون»، لم تفطن بعد لمشكلة الـ 6 ساعات التى حددتها لعمل موظفى الدولة يومياً، ولمدة خمس أيام فقط فى الأسبوع، الأمر الذى يفقد الجماهير حقوقهم فى إتاحة الخدمات الحكومية لفترة أطول، حتى يتمكنوا من الحصول عليها، دون الاصطفاف من التاسعة صباحاً أمام «شبابيك» السادة الموظفين، لكى يتلاشوا عبارة «مواعيد العمل انتهت يا أستاذ.. عدى علينا بكرة»!

الدولة اليوم فى ظل الحراك الاقتصادى الكبير الذى تشهده وظروفها المالية الصعبة عليها أن تكثف من العمل والإنتاج، وأن تثبت للعالم أجمع أن خطة التنمية هذه المرة لن تكون «حبر على ورق» أو «دوسيه» فى مكتب مسئول لا يفتحه إلا عند قرائته على المشاهدين أو للقراء فى وسائل الإعلام المختلفة.

وعلينا أن نعترف بأن هذا الأمر فى حاجة ماسة لمعالجة جذرية، فالوضع أصبح فى غاية الصعوبة فى ظل تعدد إجازات العاملين بالدولة، ناهيك عن انخفاض مستوى الإنتاجية وتفشى ظاهرة البطالة المقنعة بين المصالح الحكومية المختلفة.

تشير احصائيات 2018 أن العاملين بالدولة على موعد مع 16 يوم إجازة رسمية للمناسبات المختلفة، يضاف إليهم 96 يوماً إجازة الجمعة والسبت أسبوعياً، و21 يوماً إجازة اعتيادية «كحد أدنى» و7 أيام إجازات عارضة لكل موظف، فيصل بذلك إجمالى أيام العطلات المستحقة للعامل فى الدولة لنحو 140 يوماً تمثل 39% تقريباً من إجمالى أيام السنة، ونحو 58% تقريباً من إجمالى أيام العمل السنوية البالغة حوالى 220 يوماً؛ وهنا أتسائل متى سنعمل؟، خاصة لو تطرقنا لبعض الثغرات القانونية التى قد تمكن العامل من الحصول على إجازات إضافية مثل «الإجازة المرضية» على سبيل المثال.

وبحسابات الساعات نجد أن الموظف المصرى يعمل حوالى 1320 ساعة بعد استيفاء كافة إجازاته المقررة قانوناً مقابل 1900 ساعة للموظف اليابانى، و2163 ساعة للموظف فى كوريا الجنوبية، و2036 ساعة للموظف اليونانى، و1788 ساعة للموظف الأمريكى، فأيهما أحق بالعمل لفترة أطول، الموظف فى دولة نامية ترغب فى التقدم، أم الموظف فى دولة متقدمة حققت بالفعل حلم الرخاء والرفاهية!

لابد أن نواجه أنفسنا بحقيقة واضحة وضوح الشمس وهى أن الدولة فى ظل ظروفها الاقتصادية الصعبة على مدار الفترة الماضية كانت تمتلك ما يكفى من المبررات لتسريح عدد كبير من عمالتها، نتجية تضخم قيم الرواتب الحكومية فى الموازنة العامة للدولة وتخطيها حاجز الـ 240 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الحالى، خاصة مع محدودية الموارد المالية المتاحة لتمويل هذا العجز سواء من الداخل أو الخارج، ولكنها لم تقترب لأى من العاملين أو تحجّم مستويات الرواتب بل أبقت على الزيادات السنوية التى يكفلها القانون، واعتبرت أن هذا الاتجاه يدعم العدالة الاجتماعية ويمنع من تشرد العديد من الأسر.

لكن فى المقابل لم يواجه ذلك اهتمام مناظر من الموظفين، الذين اعتبر الكثير منهم أن «الراتب الحكومى» عبارة عن منحة من الدولة ليس من الضرورى أن يناظره العمل، وهنا انهار مفهوم الإنتاج الحقيقى، واعتاد الكثير من الموظفين على تقسيم أوقاتهم فى العمل بين «الفطار» و«الصلاة» و«الكلام فى الكورة والسياسة»، دون الوفاء بحق الدولة التى لم تقترب من حقوقهم، ولا حق المواطن الذى تحمل من دخله رواتب هؤلاء الموظفين من خلال الضرائب التى يسددها للدولة بصفة دورية.

مشكلة العمل فى مصر وخاصة العمل الحكومى هى مشكلة ثقافة لابد أن تضعها القيادة السياسية على رأس أولوياتها ولابد أن تكون الشغل الشاغل خلال الفترة المقبلة، فتركها وفقدان الأمل فى تصويب أوضاع الموظفين الحاليين يؤدى لتدهور أوضاع هذا الملف إلى الأبد، فالموظف الجديد حتى وإن كانت أفكاره مختلفة فعندما يدخل هذه البيئة فسيتأثر بها أكثر مما سيؤثر فيها، وسيرث الجديد أفكار من سبقوه، وسنظل نحن لدينا ألف مشكلة ومشكلة فى حجم الإنجاز، وإنهاء تراخيص وموافقات الاستثمار، والوفاء بخدمات الجمهور، وتطبيق منظومة سليمة تحجم من الفساد وتضمن الكفاءة والجودة فى الأداء.

المدن الجديدة فى مصر وخاصة العاصمة الإدارية الجديدة والجيل الحديث من المدن لابد وأن تدار بعقول وأفكار مختلفة، فبكل صراحة لو نقلنا إلى تلك المدن الحديثة نفس العقول والأفكار القديمة، فحتماً ستتحول «العاصمة الجديدة» إلى «وسط القاهرة» بازدحامه وزخمه الرهيب، وستتحول «العلمين الجديدة» و«بورسعيد الجديدة» و«دمياط الجديدة» إلى مناطق عشوائية لن تفرق شيئاً عن العشوائيات التى ننفق عليها المليارات حالياً من أجل تطويرها.

لابد من صياغة خطة واضحة لمعالجة هذه الأزمة فى ضوء العديد من المقتراحات الموجودة على الساحة ومن ضمنها أن يتحول نظام العمل فى الدولة لنظام «الفترتين» بدلاً من الفترة الواحدة، لتخفيف الزحام المتواصل الذى يضيع أوقاتنا جميعاً، وحتى تتاح الخدمات لوقت أطول، ويتمكن كل فرد من التواصل مع مراكز الخدمة الحكومية المختلفة لقضاء احتياجاته دون الحاجة للحصول على إجازة من عمله ليوم أو أكثر.

سيضمن هذا النظام أداءاً أفضل للرقابة الحكومية على الموظفين، ويساهم فى تحسين كفاءة وجودة العمل، وضمان تيسيرات حقيقية للشركات فى إنهاء كافة الإجراءات التى تمثل المعوق الأكبر فى تواجدها بالسوق المصرى، فمع احترامى لمؤشرات «الديمقراطية» و»الحرية السياسية» وغيرها من المؤشرات التى يشغل ترتيب مصر فيها الرأى العام لفترات طويلة، فالمستثمر يهمه بشكل أكبر مؤشرات «الفساد الإداري» ومدى قدرته على إنجاز أوراقه وتراخيصه فى وقت قياسى، أكثر من اهتمامه بشكل نظام الحكم، وطبيعة المتنافسين عليه، بدليل أن الصين أحد أكثر البلاد ديكتاتورية على مستوى العالم، وتعد الموطن الأول للاستثمار الأجنبى عالمياً.

نقلا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بطالة الـ 6 ساعات بطالة الـ 6 ساعات



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

بلينكن يعظ!!

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أن تُصلح الفساد بالأفكار

GMT 02:49 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هوامش في قمة البحرين: مجلس أم «مقنص»

GMT 02:46 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الانهيار المخيف

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 10:26 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

محمد رمضان يكشف عن أكبر مخاوفه في الحياة
  مصر اليوم - محمد رمضان يكشف عن أكبر مخاوفه في الحياة

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon