توقيت القاهرة المحلي 05:24:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا صفقة أميركية ـ روسية وترامب في مأزق

  مصر اليوم -

لا صفقة أميركية ـ روسية وترامب في مأزق

بقلم - جويس كرم

الابتسامات والعناق والطابة المتنقلة من أيدي فلاديمير بوتين إلى أحضان ميلانيا ترامب ليست مرادفة لصفقة أو دفء في العلاقة بين موسكو وواشنطن. وتداعيات الهفوات وزلات لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قمة هلسينكي تحولت إلى نذير شؤم وقد تزيد من حدة التشنج بدل تهدئة الأمور كما كان الهدف من القمة.

هلسنكي وما أدراك ما هلسنكي. العاصمة الفنلندية الهادئة قلبها ترامب وبوتين إلى منبر صاخب يوم الإثنين في قمة استمهلها البيت الأبيض عاما ونصف، ومن باب التكابر وصل إليها زعيم الكرملين متأخرا حوالي الساعة. إنما بغض النظر عن الغمزات وحركات الوجه والتنافس بين ترامب وبوتين على من يبدو أكثر ذكورية وتجهما، ليس في القمة أي مؤشر لصفقة بين الزعيمين، لا بل إن تداعياتها زادت الأمور سلبية.

    قضت قمة هلسينكي على بذور الصفقة الأميركية ـ الروسية قبل أن تنبت

أولا، سجل ترامب هدفا في مرماه بشنه هجوم على السياسات الأميركية السابقة حيال روسيا، وتشكيكه بالاستخبارات الأميركية ومن ثم احتضانه لرواية بوتين (عميل كي جي بي سابقا). فالمشكلة ليست فقط في مضمون ما قاله ترامب، بل بكسره عرفا بروتوكوليا للرؤساء الأميركيين بمهاجمة طرف داخلي من الخارج، والنيل من مصداقية المؤسسات الأميركية. فكيف إذا فعل ذلك مقابل الرجل الذي يخوض منافسة استراتيجية مع واشنطن ويشن جهازه الاستخباراتي عمليات قرصنة ضد الولايات المتحدة وماكيناتها الانتخابية؟

خطأ ترامب، هو الأفدح خلال رئاسته، كما قال له حليفه نيوت غينغريتش، وساهم مباشرة بإفشال قمة هلسينكي وتجميد أي تقارب روسي ـ أميركي جدي وأي صفقة تحيط سورية وأوكرانيا إلى أمد غير مسمى. ولذلك، كان لا بد لترامب من أن يتراجع بعد 24 ساعة عما قاله في القمة، ويبرره بـ"خطأ لغوي" بعد موجة اعتراض من المئات من مسؤولي الاستخبارات الأميركية الحاليين والسابقين ونواب مرموقين في مجلسي النواب والشيوخ. فالأمن القومي الأميركي وسمعة الاستخبارات الأميركية هي خط أحمر حتى لو كان المتحدث الرئيس نفسه، وترامب لا يسيطر على المؤسسات الأميركية ولا يتحكم بما تقوله استخباراتها وجيشها وخارجيتها كما قد يكون الحال في أنظمة سلطوية.

وهذه المؤسسات اليوم هي من يقرر إلى حد أكبر من ترامب مستقبل السياسة الأميركية تجاه روسيا. فالعقوبات أقرها الكونغرس بأكثرية ساحقة منعت ترامب من نقضها، والمعلومات الاستخباراتية الأميركية كما قال مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس تشير إلى محاولات روسية عمرها أيام فقط للتدخل في الانتخابات النصفية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. أما وزارة العدل، فقد أدانت، منذ الجمعة الفائت وحتى اليوم، 13 شخصا روسيا، 12 منهم في الاستخبارات العسكرية في روسيا، وواحدة عميلة لموسكو جرى توقيفها في واشنطن لمحاولة اختراق منظمات سياسية أميركية.

    المعلومات الاستخباراتية الأميركية تشير إلى محاولات روسية عمرها أيام فقط للتدخل في الانتخابات النصفية الأميركية

ومن هنا سذاجة الحديث عن صفقات أميركية ـ روسية فيما المعارك الاستخباراتية والمنافسة السياسية والاقتصادية والإلكترونية مفتوحة على مصراعيها من السوق النفطي الأوروبي إلى الخليج والشرق والأدنى وإفريقيا. وفي سورية، واهم من يعتقد أن موسكو ستتصادم مع حليفها الاستراتيجي إيران إكراما لعيون بنيامين نتانياهو أو القوات الأميركية. وأي مقايضة ومحاصصة يمكن أن تحصل في سورية، ستكون من موقع القوة ولحماية مصالح اللاعبين الأكبر في الحرب.

أما أميركيا، وبعد عاصفة الانتقادات لترامب بسبب ما قاله لبوتين ومع اقتراب الانتخابات النصفية وتزايد الصورة السلبية لموسكو بين الأميركيين، لا يمكن حصول أي تقارب أو تعاون فعلي عدا عن التنسيق العسكري وفي المجال النووي، وعلى الأرجح لن يكون هناك زيارات جدية بين العاصمتين.

قضت قمة هلسينكي على بذور الصفقة الأميركية ـ الروسية قبل أن تنبت، وأعطت درسا لترامب حول الخطوط الحمر للاستخبارات الأميركية، وأوضحت الموقف الأميركي الحقيقي من بوتين وما تقوم به روسيا خلف الكاميرات وبعيدا عن هدايا كرة القدم.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

نقلا عن موقع الحرة

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا صفقة أميركية ـ روسية وترامب في مأزق لا صفقة أميركية ـ روسية وترامب في مأزق



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:37 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

السيول تُغرق جدة والكارثة تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 20:00 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أرقى أنواع السلطات

GMT 22:00 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرنسي جريزمان يحلم باللعب مع نيمار ومبابي

GMT 23:24 2015 الإثنين ,26 كانون الثاني / يناير

حديقة الحيوانات في العين تضم زواحف جديدة

GMT 22:29 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

شركات البترول تتخلص من 90% من مخلفاتها دون تدوير

GMT 17:32 2021 الأربعاء ,21 إبريل / نيسان

أتليتكو مدريد ينسحب من بطولة دوري السوبر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon