توقيت القاهرة المحلي 01:42:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تراثنا.. «المهدور»

  مصر اليوم -

تراثنا «المهدور»

بقلم : ماجدة الجندى

 ما الذى يدعو أى جهة تنفيذية عند إصدار قرار، إلى النص صراحة على «مراعاة عدم إعلان هذا الموضوع»؟ مفهوم طبعا، عدم الإعلان لمن. هذا النص تحديدا، يشكل البند الثانى من موافقة مجلس الوزراء التى - أرادها سرية - على طلب وزارة الآثار الذى تقدمت به الى مجلس الوزراء بشأن نقل المقتنيات الأثرية من المساجد الأثرية حفاظا عليها من السرقة والذى عرف بالقرار 110 لسنة 2018، ونورتنا به زميلتنا الأستاذة حنان حجاج فى تحقيقيها الكاشف، عن النية المضمرة من مسئولى وزارة الآثار، لتفريغ كنوز مصر الاسلامية، من عناصرها ذات القيمة التاريخية والجمالية، وتحويلها الى حوائط جرداء وهياكل مفرغة من القيمة، رغم صمودها لقرون لم يقتلعها خلالها الغزاة الذين قهرتهم القاهرة على مدى قرون، لكن العجز عن حمايتها من السرقة، كان المبرر وراء ما لم تشهده أى مواقع أثرية مشابهة فى الدنيا إلا فى حالتين لا ثالث لهما، وسوف أستشهد بما قالته الدكتورة جليلة القاضي، الباحثة والمعمارية والأستاذة لعقود بالجامعات الفرنسية، من أن اليونسكو كجهة دولية معنية بالآثار وضعت شرطين ملزمين لإباحة نقل العناصر الأثرية من سياقها، وعرضها بالمتاحف أو حفظها، هما: الحرب أو خشية تعرض العناصر ذات القيمة لقصف حربى مباشر، كما فى مكتبة سراييفو و متحف بغداد ومدينة حلب, أو يكون البناء الأثرى نفسه قد تهدم وتضحضح و لم يتبق منه إلا بضعة عناصر ذات قيمة(كما فى منبر المسجد الأقصى الذى رمم فى ثلاثة عشر عاما وأيد تركيبه)، مما يجوز معه نقلها لعرض متحفي. فى هاتين الحالتين فقط يجوز الاقتطاع لعناصر أثرية. السؤال الأول: هل ينطبق أى من الحالتين على القرار الذى بموجبه تم تفكيك المذهل فى سرعته، منبر مسجد ومدرسة أبو بكر مذهر، وهو المنبر الذى كان سوف يخضع مع خمسة وعشرين منبرا لمبادرة انقاذ بتمويل انجليزى وبشراكة مع هيئة الآثار، السؤال الثانى بماذا يمكن تفسير تجاهل المختصين لبديهيات تقول بخطأ، بل بجرم علمى يهدد بإخراج كنوز آثارنا الاسلامية من التراث الانساني، بتفريغها من عناصرها ذات القيمة؟. السؤال الثالث: الجدول الذى وضعته هيئة الآثار لتفريغ الآثار الإسلامية يستدعى ملاحظتين، الأولى أن الأبنية نفسها، المساجد بأحجارها وجدرانها وأسقفها هى نفسها آثار فماذا هى فاعلة بها بعد اقتطاع التفاصيل؟ كيف قبل حتى أن تتلقى وزارة الآثار موافقة مجلس الوزراء على طلبها والتى تضمنت مع الموافقة توصية بعدم الإعلان، شرعت قبلها بشهرين فى خطتها لفك العناصر ذات القيمة، ووضعت جدولا بدأ فى فبراير وسوف ينتهى فى يونيو المقبل، متضمنا فك مشكاوات وكراسى مصاحف وثريات و 55 منبرا . محلات البقالة والسوبر ماركت والناس فى الحارات والقرى يضعون الآن كاميرات لتأمين أنفسهم، ووزارة الآثار المصرية تعلن العجز عن تأمين أيقونات الفن الإسلامي، وبسبب هذا العجز استصدرت القرار النذير الذى حمل رقم 110، مشفوعا بالسرية!. القاهرة الإسلامية، الدرة النادرة، بين سندان البناء العشوائى الذى يدمر المساجد والبيوت الأثرية، وبين مطرقة قرارات يستصدرها تنفيذيون، تفرغها من عناصر القيمة والجمال.. القاهرة القديمة، كنز مصر فى طريقها لتلحق بالعشوائيات تدريجيا.. وأدعوكم لاستعادة المشهد كما صورته دكتورة جليلة القاضى فى مقالتها بأخبار الأدب. لا يمكن أن يكون العجز عن حماية الأثر حله هو تدمير قيمة الأثر نفسه، بانتزاع عناصر القيمة منه وتحويله الى خرابة، وفى نفس الجملة وبنفس الايقاع، أقول: ليس لأى مسئول تنفيذى أيا كان موقعه أن يتصرف فى تراث أمة على هذه الشاكلة، مشترطا السرية. كم مسئول لعب فى قرارات تمس استراتيجيات وخرج وراح ولم يحاسب؟ فما البال لو أن الأمر يخص ما لا يمكن استرجاعه ولا يمكن اصلاحه. الأصوات التى خرجت مطالبة بإسقاط القرار المضمر بالتفكيك يمس كل المصريين، ولا يمكن أبدا أن يظل العجز عن التأمين هو المظلة التى يتسرب فيها مثل هذه القرارات.. المخازن عمرها ما أمنت لنا آثارا.. وآخر قضية لسرقة مايقرب من أربعمائة قطعة آثار، كان مكانها مخازن هيئة الآثار، التى فجر أحدهم فى مداخلة مع الزميل وائل الابراشى مفاجأة المفاجآت لما أعلن أن لديه وثيقة تتضمن قرارا برفع كاميرات المراقبة منها.. ولم نسمع نفيا!.

نقلا عن  الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تراثنا «المهدور» تراثنا «المهدور»



GMT 23:46 2024 السبت ,23 آذار/ مارس

السباق؟!

GMT 03:17 2024 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

حوكمة الماء من أجل الحياة

GMT 03:33 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

العلاج على نفقة الدولة!

GMT 03:52 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

بين سعود ودوغلاس!

GMT 00:54 2018 السبت ,05 أيار / مايو

عن التحديث فى السعودية
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon