توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لهم سايبرهم ولنا سايبرنا

  مصر اليوم -

لهم سايبرهم ولنا سايبرنا

بقلم : أمينة خيري

 إنهم يمضون قدمًا فى تأسيس أقسام للهجمات العنكبوتية وسبل الدفاع على شبكة الإنترنت فى الجامعات والمعاهد، ونحن نسير على نهج انتظار البلاء ليقع على رؤوسنا عبر استطلاع رأى هنا أو مقال تحليلى هناك، ثم نكحلها فنعميها.

عمى البصيرة قاتل، وبصيرتنا التخطيطية تعانى الأمرين. دخلنا كما دخل العالم عصر تكنولوجيا المعلومات ورقمنة الأشياء، واندلفنا وغرقنا حتى الشوشة عنكبوتيًا، لكن الغرق كعادتنا جاء حنجوريًا والاندلاف كما اعتدنا لم يكن سوى سطحى.

كم الهبد والرزع الدائرة رحاهما على الشبكة والنابع من المحروسة هائل وزاعق، لكن ماذا فعلنا للحماية والوقاية والتوقع والجاهزية؟! الهواتف المحمولة ونعمة الاتصال بالشبكة باتت متاحة للملايين، لكن هل هذه الملايين مؤهلة ثقافيًا وتعليميًا وحدسيًا لما يدور على الشبكة؟ تطرح هذا السؤال فيأتيك أحد ردين مصريين لا ثالث لهما: الحل هو المنع وقصر الإتاحة على من يدفع بعد تسليم بطاقته الشخصية والتوقيع على استمارة التلصص على ما يكتب وما يقرأ، أو الحل هو الإتاحة بلا حدود والفتح دون قيود اتباعًا لمنهج «ثورة حتى النخاع» و«حرية بلا مسؤولية».

الحلول الثلاثة المنتمية إلى مجال غائب عن حياتنا وميت فى ثقافتنا الحديثة النابعة فى عصر «لا تجادل ياأخ على» «وهى كده» و«ربنا يستر» لم تظهر بعد. فى طنجة حيث فعاليات مؤتمر «سايفاى أفريقيا» للتكنولوجيا والابتكار والمجتمع (نظمته وزارة التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمى ومجلس جهة تطوان الحسيمة ومركز الدراسات والأبحاث الهندى أو. آر. إف) يتواتر المتحدثون وأطالع مناصبهم ومجالات تخصصاتهم. أستاذ من جامعة نيجيريا كلية الحاسب الآلى قسم «هجمات وحماية سيبرانية cyber»، مسؤولة سياسات الحماية على الشبكة العنكبوتية فى «مايكروسوفت»، مدير قسم تنسيق السياسات العنكبوتية فى وزارة الخارجية الألمانية، مدير قسم السايبر، الفضاء وصراعات المستقبل فى مركز دراسات استراتيجية، سكرتير وزارة الخارجية الهندية فى قسم الديبلوماسية السيبرانية، أستاذة المخاطر السياسية والتوقع فى جامعة نيويورك، منسق تكنولوجيا المعلومات فى لجنة مناهضة الإرهاب فى الأمم المتحدة، وقائمة المناصب والمواقع التى لم نسمع عنها من قبل طويلة جدًا.

والنقد الذاتى لا يضر، بل يفترض أن يفيد. دول مثل الهند ونيجريا والسنغال وتنزانيا سبقتنا بخطوات فى مجال دراسة مخاطر الشبكة العنكبوتية وهجماتها وسبل الوقاية والاستعداد لها وهو ما يسمونه بـ«الأمن السيبرانى». وعلينا أن نعترف أن ذكر كلمة «سايبر» فى بلدنا الحبيب لن يثير العجب أو يدعو إلى الاستفسار. فــ«أنا رايح السايبر» أو«جاى من السايبر» يعنى أن أحدهم سيتوجه إلى المقهى العنبكوتى ليتمكن من الاتصال بالشبكة العنكبوتية، غالبًا بغرض الألعاب الإلكترونية، أو الدردشة بعيدًا عن الأعين المتلصصة، أو غيرها من الأنشطة «السيبرانية» التى باتت معروفة مصريًا.

لكن الـ«سايبر» الذى يتحدث عنه بقية العالم مختلف قليلاً. فبدءًا من الهجمات العنكبوتية التى تشنها دول ضد أخرى، والميليشيات الإلكترونية التى تحشد وتفسد وتشيع الإشاعات وتنشر الأكاذيب بهدف صناعة رأى عام يهدم دولاً ويسقط أنظمة، مرورًا بتعاون دول مع شركات معلوماتية للحصول على بيانات شخصية خاصة بالمستخدمين واستخدامها لتوجيه نتائج انتخابات ومن ثم تسيير مصائر دول، وانتهاء بالـ«هاكرز» البسطاء الذين يسرقون معلومات بطاقات بنكية أو يفبركون صورًا شخصية أو ينتحلون صفة آخرين ينشغل العالم من حولنا بأمن الـ«سايبر» وأمانه وسبل الوقاية والعلاج.

الرابضون خلف شاشاتهم لم يعودوا مجرد مطلعين على الشبكة العنكبوتية لكنهم باتوا مسؤولين عن أمنهم وأمانهم ومصائر دولهم عبر وعيهم العنكبوتى. والمسلحون والمقاتلون على الأرض حيث داعش وأخواتها هنا ونصرة وقاعدة وأبناء عمومها هناك ليسوا إلا نتاجا لنشاط عنكبوتى محموم. والصراعات بين الدول والاحتقانات الدبلوماسية والانتقامات السياسية لن تكون عبر طرد سفير هنا أو حظر اقتصادى هناك فقط، لكن أغلبها وأقواها سيكون عبر هذه الشبكة التى نصب نحن جل اهتمامنا فيها على تدوير «جمعة مباركة» محمومة أو تحميل أغنية «آه لو لعبت يازهر» أو مشاهدة أحدث فضيحة للفنانة فلانة أو أعنف خطاب فتنة للشيخ علان.

وبينما نحن نغرق فى غياهب اهتمامات أغلبها يندرج تحت بند «قلتها أحسن»، ونتصور أن المعركة المحمومة التى نخوضها على صفحتنا الفايسبوكية لإثبات أن الطماطماية تحمل لفظ الجلالة، وإجبار الأصدقاء على إعادة تدوير دعاء أول رمضان ومنتصف رمضان وآخر رمضان وإرسالها لمائة من الأصدقاء وإلا مسنا ضرر وضربنا ملل، يمضى العالم قدمًا فى تدريس علوم الــ«سايبر» من هجمات ووقاية ودبلوماسية وتمكين وتدبير وتوقع وتدبر.

من طنجة إلى القاهرة، ومن القاهرة إلى لاجوس، ومن لاجوس إلى دلهى، ومن دلهى إلى داكار خيوط وشبكات معرفية ومجالات لا أول لها ولا آخر للاستفادة لمن يرغب.

أما من لا يرغب، فعليه التوجه إلى «السايبر» لممارسة الألعاب الإلكترونية والدردشة بعيدًا عن الأعين وتحميل أحدث أغانى أوكا وأروتيجا. لهم سايبرهم ولنا سايبرنا.

 نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لهم سايبرهم ولنا سايبرنا لهم سايبرهم ولنا سايبرنا



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt