توقيت القاهرة المحلي 12:47:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -
سلطنة عُمان تعفي مواطني دولة أجنبية من التأشيرة السياحية مطلع 2026 وزارة الدفاع الإسرائيلية تعلن إصابة 22 ألف ضابط وجندي منذ 7 أكتوبر و 58% منهم يعانون اضطراب ما بعد الصدمة مجلس سوريا الديمقراطية يؤكد على ضرورة الشروع فورا بعملية انتقال ديمقراطي واضحة وملزمة طهران تعلن محاكمة مواطن أوروبي من أصل إيراني اعتقل خلال الحرب مع إسرائيل بتهمة التجسّس قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مقر أونروا في حي الشيخ جراح بالقدس تعليق الدراسة الحضورية في تعليم المدينة المنورة اليوم بسبب الأمطار الغزيرة الكرملين يرحب بتحديث استراتيجية الأمن القومي الأميركي وحذف وصف روسيا بالتهديد المباشر عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً
أخبار عاجلة

أيتام التطرف الدينى

  مصر اليوم -

أيتام التطرف الدينى

بقلم : أمينة خيرى

 بعدما بدأت المملكة العربية السعودية فى اتخاذ خطوات جريئة نحو نبذ طبقات التزمّت ونفض غبار التطرّف، تجد فئة كبيرة من المصريين نفسها ممزّقة فى غياهب اليتم. وليس خفياً على أحد أن موجات الهجرة الاقتصادية من مصر إلى السعودية، التى بدأت فى أواخر سبعينات القرن الماضى ومعها هبّات التأثر بالمنهج الدينى الاجتماعى قد غيّرت من شكل الحياة فى مصر تغييراً جذرياً.

جذور عملية التديين التى ضربت الحياة فى مصر متعدّدة المناهل وكثيرة المصادر. فمن جماعة الإخوان المسلمين التى كوّنت دولة كاملة الأركان على هامش الدولة على مدى عقود، إلى أبناء عمومها من الجماعات متراوحة التشدُّد والتزمّت بين المتطرّف جداً والمتطرّف نصف نصف والمتطرّف على خفيف، إلى التأثر الذى جرى عبر المعايشة اليومية فى دول المهجر الاقتصادى. اقتصادياً، طرأت تغييرات كثيرة على المصريين خلال العقود الخمسة الماضية. فمنهم من بنى بيتاً متعدّد الطوابق على أرضه الزراعية، معتبراً ذلك مكسباً كبيراً ومغنماً عظيماً، ومنهم من فتح مصنعاً لصناعة العباءات وخياطة أقمشة الخمار والنقاب والجوارب السميكة والطرح الخفيفة ذات الطبقات العديدة. ومنهم من افتتح مشروعاً تعليمياً، حيث معهد أزهرى خاص يدرس فيه ما يشاء من علوم يقول إنها دينية وتفسيرات يؤكد أنها فقهية ويزرعها فى عقول وقلوب آلاف الصغار فى القرى والنجوع وحتى المدن الكبرى، وهلم جرا. واجتماعياً، جرى ما جرى فى مصر ولها، ولا داعى للخوض فيها لأن الجميع يعرفها، وإن اعتبرها البعض تقدّماً هائلاً على طريق تسليط الضوء على الهوية الدينية، بينما نظر إليها البعض الآخر وكأنها قفزة مؤكدة فى التأخر والتخلف.

وبخلاف انتشار الزوايا التى لم يكن يعلم ما يدور ويُقال ويُثار فيها سوى مريديها وأعدادهم بالملايين، وكتب عذاب القبر، وفقه المرأة، وأسس الخروج على الحاكم، والقواعد الحاكمة لدخول الحمام والخروج منه، والأسس الزاعقة لوطء المرأة، لم تطرأ تغييرات كبرى على مظاهر الحياة. لكن ما جرى أن اعتناق النسخة الشعبوية المصرية من مناهج التطرّف والتشدّد أدى إلى تحول الحياة اليومية فى مصر إلى مسخ، لا هو بالملتزم ولا هو بالمنفلت، ولا هو متشدّد أخلاقياً ومن ثم ملتزم سلوكياً ولا هو منفتح فكرياً ومن ثم يترك الآخرين يتصرفون كما يتراءى لهم.

شكل المجتمع فى مصر خلال نصف القرن الماضى لا شكل له، وذلك لأنه لا معالم واضحة لسلوكه، أو أمارات بيّنة لتصرفاته. متدين جداً شكلاً، ومنفلت جداً سلوكاً. ملتزم جداً فى مفردات التدين، ومتحلل جداً فى معاملات هذا التدين، وهلم جرا. وما يجرى فى السعودية، والذى يُعد ثورة كبرى من شأنها ألا تُغيّر شكل الحياة فى المملكة، لا سيما فى ما يتعلق بالنساء اللاتى عانين لعقود طويلة من القيود الرهيبة، ولكن من شأنه أيضاً أن يخلف وراءه الكثير من اليتامى الذين استيقظوا ذات صباح فلم يجدوا المرجعية الفكرية والمجتمعية التى طالما ارتكنوا عليها فى تحليل التشدّد وتجميل التزمّت.

مجلة «ذا جلوباليست» (العولمى) العنبكوتية الأمريكية نشرت تقريراً فى عام 2015 عنوانه «السعودية.. على المسار الداخلى فى مصر: كيف هاجر التطرف من السعودية إلى مصر؟» التقرير أرجع أسباب تحول القاهرة من مدينة كوزموبوليتانية منفتحة إلى مكان غارق فى الراديكالية المجتمعية والدينية فى خلال نصف القرن إلى القمع المتواتر من قِبَل رؤساء مصر، ثم اعتناق النسخة المتشدّدة من الإسلام عبر المعايشة فى دول هاجروا إليها طلباً للترقى الاقتصادى. وعاد أولئك بنموذج التشدّد، حيث استنسخوه حرفياً فى مصر.

استنساخ التشدّد بعد سبغه بألوان مصرية حوّل مصر إلى ما هى عليه اليوم من مسخ قبيح. فلا هى مصرية بعاداتها وتقاليدها، ولا هى سعودية بعاداتها وتقاليدها، ولا هى منغلقة تماماً أو منفتحة كلية. هى الشىء وضده، والمبدأ وعكسه. متدين إجرائياً لكنه منفلت سلوكياً. ملتزم مظهرياً لكنه مخوخ أخلاقياً. وكلما تساءلت أو انتقدت أو راجعت مرجعيته، سبقتك إلى باب دارك اتهامات الكفر أو شبهات التشبّه بالغرب الفاسق.

وعودة إلى السؤال الأصلى: كيف ستتصرف ملايين المصريين الذين استيقظوا ذات صباح ليجدوا السعودية تخطو خطوات جريئة وسريعة ومتلاحقة وحقيقية على طريق نفض الظلام الفكرى عنها؟ أخشى ما أخشاه أن تأخذ هؤلاء المصريين الذين وجدوا فى التديين أفيوناً يمنحهم شعوراً بالفوقية الدينية والمجتمعية حماسة المضى قُدماً فى طريق الظلام. وبدلاً من أن يدق جرس الإنذار بأن طريقنا نحو التنوير واستعادة نهضتنا بات ممهداً، نجد من يمسك بتلابيب الظلام ويشدنا معه منتجاً لنا نسخة شعبوية أكثر قبحاً ومسخاً للتديين.

 نقلًا عن الوطن القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيتام التطرف الدينى أيتام التطرف الدينى



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt