توقيت القاهرة المحلي 12:49:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماكرون وملف الإسلام في فرنسا

  مصر اليوم -

ماكرون وملف الإسلام في فرنسا

بقلم - شملان يوسف العيسى

أكد الرئيس الفرنسي في أول اجتماع لمجلس الوزراء، في بداية العام الحالي، أنه يعلن إرادته الدافعة باتجاه تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها الشعب الفرنسي في حملته الانتخابية، ومنها التعاطي مع ملف الإسلام في فرنسا، الذي يريد كمن سبقه من المسؤولين أن يحوله إلى إسلام فرنسا أو الإسلام الفرنسي، وهو بصدد وضع علامات للعملية الإصلاحية العميقة التي ينوي القيام بها في القسم الأول من عام 2018.
ما تريده الدولة الفرنسية هو بروز «محاور» جدي يتمتع بالصدقية، ليكون الجهة التي تتعامل معها الدولة، وتكون شبيهة مثلاً بالمجلس التمثيلي للديانة اليهودية في فرنسا، فالإسلام الغني بنحو 6 ملايين شخص يشكل الديانة الثانية في فرنسا بعد الكاثوليكية، لكن مشكلاته والصعوبات التي يعاني منها كثيرة، ولا تنحصر فقط بغياب التمثيل الحقيقي، أو الحاجة إلى أئمة وعلماء يتم استجلابهم من الدول العربية أو تركيا، بل هناك حاجة أساسية ورغبة من الدولة الفرنسية في أن يكون للإسلام في فرنسا مرجعيات تحاجج وتحارب الفكر المتطرف والنزعات الجهادية (راجع جريدة «الشرق الأوسط»، الثلاثاء 13 - 2 - 2018).
ما دفع الرئيس الفرنسي إلى إطلاق إصلاحاته هو شعوره بوجود انشقاق بين الجاليات المسلمة في فرنسا، حيث يرى البعض منهم أنه على المسلمين هناك أن ينظروا إلى فرنسا كدولة توفر لهم الأمن والاستقرار والعلم والعمل وحرية العقيدة وممارسة الحرية الثقافية وغيرها.. على المسلمين في فرنسا أن يدافعوا ويحموا وطنهم الجديد من منطلق وطني فرنسي ضد التطرف الديني و«الجهادية الإسلامية».
ما تسعى إليه الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، هو إبعاد جماعات الإسلام السياسي الأوروبية التي توجد بين الأقليات المسلمة عن القيام بأي نشاطات إرهابية ضد بلدانهم الجديدة في أوروبا، أو بلدانهم القديمة في الشرق العربي.
على المسلمين الفرنسيين أن يعوا أن بقاءهم واستقرارهم وأمنهم مرهون بالوقوف مع القوى الديمقراطية الفرنسية، والأحزاب والحركات العلمانية - الليبرالية، التي تقف اليوم بقوة في وجه المد الأصولي اليميني، الذي يمثل اليمين المتطرف الذي يكره المهاجرين الجدد لأوروبا، ويعمل على طردهم.
هل مطالب الرئيس الفرنسي واقعية؟ وهل يمكن تحقيقها في بلده؟ ما يطرحه الرئيس ماكرون هو بكل بساطة أن يتعايش ويتوافق مسلمو فرنسا بين الإيمان والعقل... فمعركة فرنسا الحقيقية هي الفصل بين المجتمع المدني والمجتمع الديني، وما يحاول الرئيس عمله هو حث مسلمي فرنسا على إعادة صياغة واعية للدين في فضاء معلن.
هل هنالك أي احتمالات لنجاح الإسلام السياسي في فرنسا؟ من الصعب جداً نجاح جماعات الإسلام السياسي لأن هؤلاء يحاولون منافسة العلمنة في بلدها فرنسا... بدعوتهم إلى وحدة المسلمين، والتركيز على السلبيات الموجودة في المجتمع الفرنسي، مثل البطالة والعزلة الاجتماعية وصعوبة الانصهار، لكن كل هذه الأمور تتغير بانصهار المسلمين وتعليمهم.
ما يجعل مهمة الرئيس الفرنسي صعبة هو محاولته التوفيق بين «الأصولية الإسلامية» الموجودة في فرنسا والتوافقية الفرنسية، فالأصوليون يدعون للقطيعة الثقافية والانفصال عن المجتمع الكبير، فهم يرون ألا نتقاسم إلا في الإيمان. أما التوافقيون، فهم يرون أن المؤمن يمكن أن يتقاسم ثقافة وقيماً مشتركة مع غير المؤمن.
إن مجتمع المعرفة الذي نعيش فيه اليوم هو مجتمع معرفة منزوعة الثقافة، مختزلة في إعلام متداول، ثم إن استغلال الدين وانفصال المعالم الثقافية والدينية على تناغم مع ما يحدث اليوم، وهو حداثة الديني.
إن مصير الإسلام في فرنسا ليس هماً إسلامياً، وإنما هو موضوع فكري واستراتيجي، بحكم أنه يطرح كقضية استراتيجية تشكل الجالية المسلمة رهانها.
الإسلام اليوم يعيش تحولات لم يعهدها من قبل إنهاء أوضاع عكستها حركات التجديد أو التحديث الديني، فدعوة الرئيس الفرنسي فرصة لمسلمي فرنسا تمكنهم من تنمية ملكاتهم، وتطوير مقدرات إبداعهم، وتسهل لهم فرصة الاندماج العملي في مجتمعات الحداثة.

 

 

عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكرون وملف الإسلام في فرنسا ماكرون وملف الإسلام في فرنسا



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon