توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجهل.. وعمى البصيرة

  مصر اليوم -

الجهل وعمى البصيرة

بقلم - ماجدة الجندى

لا أجد تعبيراً يليق مع ظهور هذا التوزيع «الضحل» والركيك، الذى قفز، به «جاهل» على نداء أو هتاف رجال الصاعقة، «قالوا إيه»، الذى خرج به من حيّز «بلاغة الصدق»، وحوّله أو نزل به إلى درك من عمى البصيرة، لما حوّل هتافاً رجولياً وجدانياً إلى إيقاعات «طبلة ودربكة». هناك لحظات يجيش فيها الوجدان الجمعى، ويعبر عن نفسه فى بلاغة الصدق، التى لا تضاهيها أى بلاغة.. يخرج التعبير من «رحم المجموع»، ربما يلقى أحدهم بأول الخيط، عبر جملة، أو حتى كلمة، توجز حالة انفعالية كاملة. كان رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، حزنه كما يقول أهلنا فى الصعيد حزن «واعر»، فى جنازته، خرج من القلوب قبل الحناجر، مكنون الناس، فى صيغة لحنية فى منتهى البساطة.. الشعب قال «الوداع يا جمال، يا حبيب الملايين.. ثورتك، ثورة نضال، هتعيش على طول السنين» خرجت المعانى تلقائية، بسيطة.. الوجع، الألم، سمّه ما شئت، ضَمَن «خلوداً» لبضع جمل وُلدت بإيقاعها المتوائم مع الحالة. نفس المعنى ينطبق على النداء أو الهتاف (الأصلى)، الذى تم تناقله عقب استشهاد «الشهيد منسى أحمد صابر» فى معركة البرث.. منسى، توأم روح ابنى محمد، وتلك حكاية طويلة، عقب استشهاده، تكشفت دوائر إنسانية، ارتبطت به، لم أقتصر على زملائه العسكريين، بل عشرات من حقول متباينة.. المحامى والمهندس والدبلوماسى والمحاسب، كل هؤلاء التفوا حول «منسى» كمغنٍ. الرائد متقاعد محمد وديع، كان واحداً ممن يمكن أن تطلق عليه «حواريين» حول معنى «منسى»، «وديع» خدم فى الصاعقة، وحاصل على أرفع الدورات (سيل)، وفى نفس الوقت له تكوين فنى. «وديع» سجل دون أى موسيقى ومع رجال حقيقيين من الصاعقة، هتاف، أو نداء «قالوا».. حاجة خرجت من القلب.. فكرة تقاوم النسيان وتخلّد الذين منحونا الحياة.. لضم أسماء الشهداء فى سلسلة، يمكن أن تستمر، بادئاً بمنسى.. الهتاف أو الشعار، لم يكن حفظ الذاكرة هدفه الوحيد، لكن له دور فعلى على أرض الواقع.. تدريب رجل الصاعقة ومشاقه، هذا الهتاف يستهدف ضمن ما يستهدف إثارة الحمية لدى الجنود.. الاحتفاظ بدرجة اليقظة والحماس. أول مرة سمعت نداء «قالوا إيه»، كنّا فى ماراثون منسى الذى بدأ من مجلس مدينة العاشر من رمضان إلى قبر الشهيد منسى. كان المدنيون ورجال الصاعقة، شباباً وشيوخاً وأطفالاً.. وكان الرائد متقاعد محمد وديع يقود طابور الماراثون، هاتفاً: «قالوا إيه علينا وقالوا إيه»، ويرد رجال الصاعقة: «منسى بقى اسمه الأسطورة من أسوان للمعمورة.. وقالوا إيه».. وما بين شطرين والثالث، يزيد «وديع» من حمية الرجال «مش سامع حاجة»، أو «ما تعلوا شوية»، فتلتهب الحناجر: «شبراوى وحسنين عرسان، قالوا نموت ولا يدخل مصر خسيس وجبان.. خالد مغربى دبابة، بطل واحنا جنبه غلابة.. العسكرى على من الشجعان، مات بطل وسط الفرسان.. أبطالنا فى سينا، حاميين أراضينا، قاهرين أعادينا».. وهكذا.. «مشهد» متجاوز لأى «صنعة»، بعيداً عن عوالم «السبوبة».. مشهد مقبل من «الحشا» الجوانى لرجال أوفياء لعهد قطعوه، بينهم وبين الله.. ألا يتركوا الوطن لأى خسيس.. على بساطة الكلمة، لكن هناك فكرة تقاوم النسيان وتجدد العهد.

مشهد جليل، جدارية من الحروف، خرجت بما يليق بها من إيقاعات قلوب «الرجال»، كيف يتحول ذلك إلى «مسخ»، وكيف يتلقى تليفزيون الدولة هذا المسخ، المشوه، ويبرر ذلك بإحصاءات المشاهدة؟

أمر لا يفسره إلا الجهل أو «عمى البصيرة»، وكلاهما غير منفصل عن الآخر

 

 

 

نقلا عن الوطن القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجهل وعمى البصيرة الجهل وعمى البصيرة



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt