توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تكلم.. حتى أراك

  مصر اليوم -

تكلم حتى أراك

بقلم - ماجدة الجندي

نعم هناك مشكلة حقيقية فى لغة الخطاب العام التى يتوجه بها بعض المسئولين التنفيذيين الى الناس.. بل يمكن القول، ان هذه اللغة، وما تحمله من معان وأفكار ودلالات، تكاد تتناقض والسياق الموضوعى العاقل الذى نتمنى أن نؤسس عليه للقادم.

إن جزءا من هذا الخطاب القادم من تنفيذيين يسهم فى نوع خطير من خلط الاوراق وتشويش الأذهان، بما لا يحقق الصالح العام، لا للدنيا ولا للدين, وتمتد آثاره وتنفذ إلى مسام الصغير والكبير.. الاستاذ الدكتور عبدالعزيز قنصوة محافظ الاسكندرية الجديد، كان فى لقاء مع الشباب، بواحد من المعسكرات الصيفية بأبى قير، ونقلت عنه الصحف، قولا أراه يستحق التوقف.

قال المحافظ القادم من عالم البحث العلمي، كأستاذ فى قسم الهندسة الكيماوية معنى ببحوث المياه: ان الله سبحانه وتعالي، هو فقط من يحاسبنا على اعمالنا، وهو من يملك الجنة والنار، لذا يجب ألا يحاسب بعضنا البعض.

اولا، ونعمة بالله، لكن ما هو المراد من هذا المعني، لما يأتينا من مسئول تنفيذي؟ وماذا نستشف منه طبيعة الرسالة؟ المعنى كما تلقيته، وفى اجتهاد متواضع، لا يحتاج الى إفاضة فى الشروح.

لنترك عملية المحاسبة، لله عز وجل، ووجوبية ترك عملية المحاسبة على ممارستنا، لله عز وجل.

هل معنى ذلك أن تكف الاجهزة المعنية بالمتابعة والكشف عن دورها فى تعقب المخطئين، وأن نعلق فكرة المحاسبة، وأن نكتفى بأن الله سبحانه وتعالى سوف يقوم بالمحاسبة، للمخطئين بعد عمر طويل؟ الدولة فى مرحلة تثبيت مفاصلها, تتعقب الفاسدين واللصوص، ورئيس الدولة، يعلنها بوضوح: لن يفلت فاسد ولن يكون هناك من هو أعلى من القانون.

هذا الكلام معناه ببساطة، اننا، على اعتبار اننا اعلم بشئون دنيانا، فى دولة تعى الفارق وتدرك أن ترتيب الحياة وتنظيم المجتمع، لا تكون له قائمة بغير حساب بشرى للفاسدين والمفسدين فى الارض، فهل يتسق المعنيان؟ تصريح السيد محافظ الاسكندرية، وما تتخذه الدولة وتحرص على بلورته من حتمية المحاسبة على الأرض؟ ماهى الضرورة التى دفعت برجل البحث العلمي، فى لحظات استهلال مسئوليته فى الخدمهةالعامة، أن يدشن إطلالته، بما أراه خلطا فى الاوراق, ورقة الدين وورقة الدنيا.. هل ينفى ايمان الناس بالله واليوم الآخر، أحقيتهم فى أن يحاسبوا (بكسر السين)، ويحاسبوا (بفتح السين)؟ وهل من رابط بين القناعة الدينية والإقرار بأن الله سبحانه وتعالي، من يملك مفاتيح الجنة والنار، وبين أن يحاسب، بعضنا البعض؟ هذا خلط استغربه، واستحضار ربما لا يكون فى محله، قد تكون محصلته مزيدا من تشوش الاذهان الذى ندفع ثمنه فى ممارسات، تقوض الحياة.

كل ما يخرج عن المسئول، لابد وان يمر بالعقل، قبل ان يصل الى الناس، حتى لو افترضنا أن هذا المسئول، أراد نوعا من التقرب أو التبسط مع الناس، على طريقة البساط الاحمدي... ولكل مقام مقال.. ومقام الخطاب العام للناس يفرض على المسئول وعيا بأى بذور يلقى بها فى التربة، وإدراكا لتداعيات كل كلمة وكل معني.

وإذا أخذنا بما قاله الفيلسوف اليوناني: تكلم حتى أراك، وحاولنا تطبيقه على ما افتتح به الدكتور عبد العزيز قنصوة محافظ الاسكندرية الجديد، سوف يكون حكما صادما وربما يظلم إمكانات لم تأخذ فرصتها بعد. خطاب المسئول ليس جزئية جانية او هامشية، خاصة فى مثل ما نعيشه من ظروف، وحديث الجنة والنار والحساب الإلهي، لا أتصور أن سياقه كان مناسبا، حين تقصر فكرة المحاسبة، بما يوحى إلا حسابا على الارض.

وما دمنا فى سياق الكلام عن الخطاب العام للمسئولين التنفيذيين، فلابد وأن الناس توقفت عند تصريح السيد أحمد عبد الهادى المتحدث باسم هيئة مترو الأنفاق، معلقا على محاولة انتحار الرجل الأربعيني، الذى ألقى بنفسه امام المترو وتم انقاذه وبتر ساقه، قال السيد المتحدث، مختتما بيانا يشرح ملابسات الحادث: إن المترو يعد من أكثر المرافق حيوية فى خدمة الجمهور حيث يستقبل الملايين، وأنه ينبغى الا يكون وجهة للمرضى النفسيين والراغبين فى الانتحار». تعبير لا يخلو من صلافة لا تليق برؤية الضعف الإنساني. على المسئولين أن يدركوا معنى تكلم حتى أراك.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكلم حتى أراك تكلم حتى أراك



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt