توقيت القاهرة المحلي 10:11:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صوت فاطمة وتحولاته

  مصر اليوم -

صوت فاطمة وتحولاته

بقلم - عزة كامل

على العتبة أقف وأراقبها، تصدح بصوت قوى بموال شجى، أحب لون جلبابها الفضفاض، والكردان الذي يزين عنقها، وحلق المخرطة الذي يتدلى من أذنيها، وطرحتها المزركشة، تضحك ابنتها «أنهار» زميلة المدرسة، تغمز لى أن أدخل معها غرفة أمها، أجلس مقرفصة بجوارها، أراقب الست «فاطمة» التي تحتوينى بنظرة حنون، وهى تستمر في الغناء، تشبه المطربة الشعبية «خضرة محمد خضر» التي نراها في التليفزيون، وهى من المطرية بلدها، بلد الصيادين بتراثهم الغنائى الجماعى الجميل.

تذهلنا الست فاطمة ونحن نجلس حولها وهى تحكى حكايات شهر زاد، وتسحرنا بتدفق الحكايات، ننجذب إلى خيط حكاياتها، تتوقف فجأة، وتجعلنا في قلق انتظار ما سيحدث، ترفعنا لسابع سما، وتنزلنا لسابع أرض، ونحن نعيش في قلب تبدل المصائر والأقدار، تحكى لنا حكاية «الصياد والجن»، و«أنس الوجود والورود في الأكمام»، وحكاية «الأحدب»، و«سندباد الحمال وسندباد البحار»، وتعرج بنا إلى «مدينة النحاس»، فيختلط الواقع والخيال، وتبهرنا بتقليد «دليلة العجوز وابنتها زينب النصابة»، ترحل إلى عوالم مسحورة: جزيرة «واق الواق»،«العجوز شواهى ذات الدواعى وهى تذبح شركان والغلمان فيما كان الوزير دندان يقرأ القرآن»، وترعبنا بصوت أجش وهى تمسك بخيوط الحكى مرة أخرى في حكاية مدينة المجوس «ولم يزالوا عاكفين على ما هم عليه حتى نزل عليهم المقت والسخط من السماء عند طلوع الفجر، فمسخوا حجارة سوداء وكذلك دوابهم وأنعامهم».

نحلق معها في أمكنة وأزمنة خيالية، تسيطر على عقول وقلوب من يستمع إليها وهى لا تقرأ ولا تكتب، ذات مرة كنت أجتاز العتبة داخلة إلى غرفتها، لم أسمع صوتها، كانت جالسة تبحلق في الجدار أمامها ذاوية وذابلة، حاسرة الرأس، أحسست بأن شيئًا غامضًا سيئا حدث، لكننى رأيت شفتيها تتحركان، واندفعت دموعها حارة على خديها، جاءت «أنهار»، بدا صوتها مخنوقا، هاربا وهى تخبرنى بأن«الست فاطمة» أمها صوتها ضاع، انحبس في حنجرتها، من يومها ظللت أواظب على الذهاب إليها لأحكى لها كل يوم حكاية من حكاياتها التي كانت ترويها لنا، ورغم أنها كانت تنصت لحكايتى إلا أننى كنت ألمح حزنها طافيا في عينيها، رغم أنها كانت تنصت لحكايتى وتلاحظ ارتباكى فتطمئننى بإشارة من يدها أن أستمر، أحكى لها عن حكاية الصياد الذي أخرج العفريت من القمقم، رحلت الست فاطمة عن عالمنا ولم ترحل حكاياتها، فمازال صوتها الساحر القوى يتجلى كلما هممت بقراءة حكاية من حكايات الليالى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صوت فاطمة وتحولاته صوت فاطمة وتحولاته



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 00:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon