توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سلامٌ عليكِ يا غزة

  مصر اليوم -

سلامٌ عليكِ يا غزة

بقلم - عزة كامل

الأزرق والأبيض والبنى، ألوان تصنع لوحات عظيمة للغاية، لكنها في الحقيقة لوحات حية وناطقة ومبهجة أيضًا رغم كل ما يحدث، ذات جلباب أزرق وطرحة بنية، دافعة رأسها في صدر صغيرها وهى تحتضنه جثة ملفوفة بكفن أبيض معقود من قمة رأسه.

أم يرتعش قلبها ألمًا ووجعًا على طفلها المقتول، الذي يستريح الآن في حضنها الممزق، طفلها الذي لم تستطع أن تحميه وهو يلهو بلعبته في براءة ذات نهار بيد، ويحمل بالأخرى عَلَم بلاده، الذي كان يرفرف به وسط الدمار والخراب، ذلك العَلَم الذي مزقته وحشية وجنون قذائف العدو، ربما تكتمل هذه اللوحة بوضع وصية الطفل، التي يوزع فيها مفرداته الصغيرة والبريئة وذكرياته القليلة على إخوته وأبناء وبنات أعمامه وأخواله.

الأم تشارك الأب المكلوم، الذي يلوح بأشلاء أطفاله، ويخلع قميصه الممزق، ويسجد، سيتوحد كل منهما مع آلاف الآباء والأمهات، الذين لم يعثروا على أطفالهم الأبرياء، بل عثروا على أشلاء أشلااااااء أشلاء.

إلى أين يأخذنا هذا الجحيم يا رب الكون؟!، جحيم ضباب القنابل وحريق الصواريخ والقتل وهدم البيوت والأرواح وتشريد الناس من منازلهم، ماذا سنفعل بأشلاء الضحايا، والسماء تعَكَّر لونها بالدم؟، ماذا سنفعل بأنفسنا، بعدما لم نعد نحن نحن كما كنا؟!، فغزة تحترق، ولم يبقَ شىء مما بعثرته رياح الغدر وطمسه البحر.

مَن سيُعيد لنا الذاكرة والتاريخ، وسط تخاذل جبان؟!. هي غزة الآن شعلة تحترق وفجر ينأى عنها، ولا أكفان ولا قبور لدفن الموتى، والصقور تحلّق فوق الأشلاء، لقد فاقت المذبحة لغة المجاز والبلاغة، بعدما أصبح أطفالها شيوخًا وآباء وأمهات، ولم تعد زرقة البحر يا «درويش» ترسم رائحة الخبز خارطة للحياة، ولا في زرقة الفجر يستيقظ الحالمون خِفَافًا، ويمشون في ماء أحلامهم مرِحين، فالحالمون الآن يصرخون، ولا يرد عليهم الصدى، بل تمطر عليهم السماء قنابل وجثثًا.

ورغم ذلك، تفاجئنا غزة بمنح هويتها، تصنع مشهدها الخاص في التاريخ، تقف متحدية لعنة الزمن دون أن تفقد صوتها، فقد وُلدت من الجرح نفسه، وستجعل أعداءها يصغون إلى رعد الحجارة، حجارة حنظلة، ذلك الرمز المقاوم، حتى لو خذلتهم السماء، وستظل غزة جرحنا الداخلى ووجعنا ولعنة وعار كل مَن خذلها.

غزة لا تشبه أحدًا، متفردة في حزنها ومقاومتها وبسالتها وجمالها، ورغم الحصار والقنابل والصواريخ وغريزة الإبادة عند الأعداء وتحالف الجبناء عليها ستظل تقاوم، سلام عليكِ، سلام على المقاومة، سلام على شهدائك وكرامتك وعزتك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلامٌ عليكِ يا غزة سلامٌ عليكِ يا غزة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon