توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ريم بنّا.. وصوت الوطن الذى يبقى

  مصر اليوم -

ريم بنّا وصوت الوطن الذى يبقى

بقلم : عزة كامل

 -1- رحل الجسد، حلق بعيدا إلى مقام الحلم والرؤيا، هزم الموت جسدها، ولكنه لم يهزم روحها، فقد مرت كالشهاب فى عالمنا، كالنور الذى ينهض من قاع الأساطير، رمت على الأحجار معاطفها وهزّت الجبال مواويلها، وانطلق صوتها يرمّم الوجع والألم، نصعد معه إلى مقام الكشف والتجلى ليكتمل قرب النهاية، وتكمل رحلتها، رحلة «ريم بنا» الفلسطينية الاسم والهوية والروح، فى سلم معراجها السرى عبر ألحانها وأغنياتها للوطن وللجرح الإنسانى عموما، رحلت عنا بعدما امتلأ العالم حولها بكل أسباب الرحيل، تركت رائحتها المختلطة برائحة القهوة واللوز، وغرست زيتونتها.

-2-أوقفها القدر عنوة عند مفترق طريق متعثر وصعب، ومضت مع الريح وهى تحمل قلبا لا تخفت صلاته، مرتبكة فى ضبط إيقاعاته، حائرة بين العشق والهوى، وهى تحاول النهوض من حلم عابر وتجرى كغزالة نحو الشمس، وترشف ضوءها، من قمر فى الماء يسبح فينعش المساء، لم يمنعها مرض السرطان اللعين فى أيامها الأخيرة أن تقاوم الموت وتتحداه فتغرد «حين وقفت على قدمى هذا الصباح، وكابرت على وجع شديد أصابهما ومشيت، كأننى ولدت من جديد، أدركت أنى سأتبع درب الورد، لا درب الآلام، وعرفت أنى ماضية مع الريح، كلما علوت وجعى وابتعدت، كلما صغر وضاق»، وعندما أصاب الشلل أحبالها الصوتية التى كانت سلاحها فى مقاومة الاحتلال بعد مرضها، ظلت تغرد، رغم أنها تعلم أن خلف الجدران تولد الأحلام الملونة وتمضى، ولكنها ظلت تكابر وتحاول الغناء، ورغم أنفاسها القصيرة المتقطعة التى تعاندها، حاولت جاهدة، ونجحت بإرادتها وبشغفها للحياة أن تسجل «ألبوم»، ربما يرى النور فى الشهر القادم.

-3-كتبت ريم لأولادها قبل رحيلها بأسبوعين «لا تخافوا، هذا الجسد كقميص رث، لا يدوم، حين أخلعه، سأهرب خلسة من الورد المسجّى فى الصندوق، وأترك الجنازة و(خراريف العزاء) عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام.. مراقبة الآخرات الداخلات، والروائح المحتقنة، وسأجرى كغزالة إلى بيتى، سأطهو وجبة عشاء طيبة، سأرتب البيت وأشعل الشموع، وأنتظر عودتكم فى الشرفة كالعادة، أجلس مع فنجان الميرمية، أرقب مرج ابن عامر، وأقول.. هذه هى الحياة جميلة، والموت كالتاريخ فصل مزيف».

كان حلمها أن يكون صوتها هو صوت الحرية الفلسطينية، وقد تحقق عندما أطلقت ألبوم «مرايا الروح» وأهدته إلى الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، وحملت صوت وتاريخ فلسطين عبر أغانيها التراثية، بقلب طاف فى الهوى وإلى الحرية، كما تقول فى ثلاثة حروف «هى اسمى وحلمى لا يساوم وغزالتى فى الريح سارحة».

-4-أخذت تؤسس فوضى عواطفها على حافة الهوية وبين عشقها لشجر الزيتون والميرمية واللوز المعجون بعشق تراب الوطن، تصرخ مثل الغزالة، تريد أن تعيد الحياة للغيوم المهاجرة، والمخيلة النازفة، تحمل تاريخ وطنها فى صوتها، تتأمل الهواء وورد الشبابيك ودرب الأحلام الذى لم تعد تطؤه قدماها، والأصدقاء والجسد والوجع والروح، والمشافى التى لم تسع جسدها الصغير، والوطن الذى عشقته.

يا ريم رحلت ولكن مرايا الروح مازالت تحاصرك فى رحلتك إلى أفق الأقحوان وأنت تترقرقين توهجا فوق عوسج الجدران، ورمقك الأخير يشتعل فى صمت الحنايا ويمتد إلى الوطن ترنيمة للسفر ومطر ينعش أغنيات القمر.

نقلاً عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ريم بنّا وصوت الوطن الذى يبقى ريم بنّا وصوت الوطن الذى يبقى



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt