توقيت القاهرة المحلي 00:43:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رفقاً بالمطلقات

  مصر اليوم -

رفقاً بالمطلقات

بقلم - عزة كامل

(1) كنا نتناول العشاء فى بيت صديقتى، ووسط الاستغراق فى حديث الذكريات، قطع حديثنا صراخ امرأة قادماً من الشارع، نهضنا واتجهنا إلى الشرفة، فأبصرنا امرأة تلطم خديها وتصرخ: «حرام عليك يا ظالم، ترمينى فى الشارع، أروح فين دلوقتى..»، ركضنا مهرولين على السلالم، وعندما وقفنا أمامها وجدناها تجهش فى بكاء مرير، أخذناها إلى الشقة، جلست ممزقة ومجروحة تمسح عينيها، وهى تتفقد المكان من حولها، ثم نظرت بأسى وهى تجاهد للكلام: «تزوجته ورزقنا بابن وطلقنى بعد سنتين، وعندما انتهت حضانتى جاء هو وأهله وأخذوا ابنى وطردونى فى الشارع بهدومى اللى لابساها».

(2)

الظلمة فى الخارج زادت عتمتها، بدا كل شئ أمامى رثّا ومثيرا للاشمئزاز، الأمر كله فد تلاشى، الزوج، والابن، المأوى، الحياة، فقط لم يبق إلا شبح امرأة تصارع عذاباتها، حاولنا أن نعيد الطمأنينة إلى نفسها بعبارات واهنة مفككة، فكل منا يعرف الحقيقة، وكل منا لا يملك إلا الشفقة على تلك المرأة التى أصبحت فى لحظة غادرة من الزمن بلا مأوى بحكم قانون غير عادل وسلطة ذكورية قبيحة لا ترحم.

حالة هذه المرأة ليست مجرد استثناء، بل هناك الآلاف من النساء يعانين الوحدة والقهر والتشرد، نساء نأت عنهن الحماية، وأدار لهن الأمان ظهره، تم التعامل معهن باعتبارهن مجرد قنوات لتفريخ الأطفال، يكافحن فى الحياة من أجل تربية صغارهن وفقط، يتحملن المشقة، ويعانين من كل صنوف المعاملة القاسية واللانسانية على الإطلاق، ثم يأتى الأب الذى لم يسهر على مرضهم، ولم يذهب بهم إلى المدارس، ولم يقف بالساعات فى المطبخ ليعد طعامهم، ولم يحملهم يوما إلى الطبيب، ولم يسهر على سلامتهم، ويأتى فجأة لينتزعهم ظلما وعدوانا من حضن أمهاتهم، ليلقى بهم إلى أمه أو أخته، نكاية فى الأم تحت ذريعة القانون الذى يبيح له ذلك، أى عدالة وأى إنصاف فى مثل هذا القانون؟!

(3)

محاكم الأسرة تضج قاعاتها بملايين قضايا النفقة والطلاق والطاعة وغيرها، هذا بالإضافة إلى طول فترة التقاضى التى تلقى المرأة والأطفال فى أتون العوز والفاقة، حنى الخلع الذى قامت الدنيا عليه ولم تقعد لا تحصل عليه المرأة الآن بسهولة، رغم تنازلها عن كل ما تملك لتمنح حريتها، مصر تتصدر قائمة الدول الأعلى فى الطلاق، وملايين الأطفال يعانون من التفكك الأسرى وانعدام الحياة اللائقة الآمنة، فى الوقت الذى يقدم فيه حزب الوفد للبرلمان مشروعا لقانون الأحوال الشخصية تتضمن بنوده خفض سن الحضانة من 15 سنة إلى 12 سنة!!، فبدلاً من المطالبة برفع سن الحضانة إلى 18 سنة التزاماً بالنص الدستورى الذى حدد سن الطفل بمن لم يكمل عامه الـ18، نطالب بالخفض.

(4)

يجب أن يجرى حوار مجتمعى حقيقى موسع، يأخذ رأى أصحاب المصلحة جميعهم فيه، بالإضافة للمجلس القومى للمرأة وعلماء النفس والاجتماع والتربية والمنظمات النسوية، إن العلاقة الزوجية وإنهاءها ليست علاقة حرب، الرعاية المشتركة للطفل والمعايشة حق أساسى له على الوالدين حتى بعد الطلاق، يجب أن ينطلق أى قانون جديد من الاحترام المتبادل والحقوق المتساوية لكل الأطراف، لكى نتجنب أطفالاً مدمرين نفسيا، نتجنب أجيالاً تدمر لا تبنى.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رفقاً بالمطلقات رفقاً بالمطلقات



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon