توقيت القاهرة المحلي 03:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليحلّ عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا

  مصر اليوم -

ليحلّ عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا

بقلم - عزة كامل

فى دهاليز عقلى حفيف أوراق تالفة فى مهب الريح، وقلوب تحطمت فى منعطف الطرق وانكسرت هامتها الشامخة، أجسادها محاصرة فى محيط الكراهية والوحشية، وأجساد مطاطة تتوجع، تبحث عن صرخاتها وذكرياتها وخطواتها التى كانت هنا، الخطوات التى تبحث عن الضوء فيباغتها الظلام، تمر السنون عليها كالسحاب المغبر، فتلقى فى القلوب ظلال حزن يفتت الذاكرة، ويطلق شبح الآلام التى يغلفها القدر الأسود، ذلك القدر الظالم والمتآمر، الذى لا يكترث بشكوى المظلوم، ولا يتأسى لوحشية أفعاله.

فى الأرض المظلمة لا يظهر أى شىء يضىء العتمة الكثيفة والمرعبة، فالليل يمتد لمائة ألف عام تحت عمق لا نهائى، يثقل عليه الطين، يبلغ الأحياء والأموات، والأصوات الحكيمة تتفتت وتصبح صماء تحت الحمل الدموى، القسوة توقف القلب، وتتبعها طقوس بشعة تجعل السماء حمراء بدم المذبحة، غرور وحقد تكوّن من اللهب، يجعلان الحياة حلما شديد القسوة، حلما ملونا بالدموع والصرخات الضائعة الحائرة، الموت يصعد من بخار الماء والدخان المرعب الكثيف، والشرر يتطاير، وتثرثر الأفواه الفارغة لمهاترات أمان العالم الذى يرتعش تحته جسد الفريسة.

مات العالم عندما فتنته صورته المنعكسة على صفحة الماء المخضب بالدماء، التى يتلألأ عليها ضوء قمر غادر يتآمر مع العقول الشريرة والمستبدة، ماذا ننتظر منه غير فتنة أنانية مفرطة، ومزيد من التعطش لسفك الدماء، وتماهٍ مع قدر مشؤوم، وشيطان أعظم ينفث غلا فاحشا.

عالم تحول إلى جوقة من الفوضى والعنف والبلاهة المتعجرفة، عالم يمارس طقوسا بشعة لحناجر خشنة تلهث تحت أجساد مهزومة، وعلى المذبح تضم بين قبضتى يديها أحشاء حية، هذا العالم المفتون بنرجسيته وغروره وصلفه وتعسفه وسلطة التعذيب والتملك، يرقص على الضحك المر الذى تخلفه النكبات، وينتشى بطقطقة العظام التى تفجر صرخاتها الفضاء، وتحت وطأة عواصف الإبادة تضيع مناجاة الضحية لربها. الحياة للبعض ترفيه وصيحة متعة وطعام فاخر، وللبعض الآخر صرخة موت، لا كسرة خبز، ولا رشفة ماء تطفئ العطش، إنه الفعل الدموى للعالم المتحضر، الذى يعيد ترتيب الحياة ترتيبا كاملا، بنفايات الشعارات الملتوية الخادعة، وتتحول أخبار الضحايا إلى كلمة على هوامش صفحات الجرائد والمجلات، وخبر سريع على كافة وسائل الاتصال الاجتماعى، لا يشعر أحد بفداحة الجرم، إنه الجحيم العظيم، وعنفوان السخط ووحشية اللعنات، وسط دوامة من الأفكار والصور والرؤى لمحترفى القتل والمجازر وانتهاك المحرمات، أيها العالم المفتون بنفسك، أيها العالم فليذهب كل غرورك ووحشيتك إلى بئر لا قرار له، وليحل محلك عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا العادلة، لا نرجسيتنا الظالمة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليحلّ عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا ليحلّ عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon