توقيت القاهرة المحلي 09:33:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التغريبة الفلسطينية

  مصر اليوم -

التغريبة الفلسطينية

بقلم - عزة كامل

كم من عمر مضى ونحن نجتاز عتبات الرعب والموت؟، ونتساءل من أين تعبر الشمس والسحاب مكسو بالغبار والبيوت أطلال، وقمر الحكايات رحل والنجوم مظلمة، والأفئدة مرايا محطمة، يا وطن مازالت قلوبنا تحمل حطبك وجبالك وحقول زيتونك وأسوار تاريخك ووشم أساطيرك رغم الدم وأشلاء الأجساد والمنفى، مازالت قلوبنا تحمل عرس الطفولة ومواويل الهوى وعطر الجدائل، وزقزقة العصافير وقبلة العاشق، وقهوة المساء، مازالت قلوبنا تحمل البارود وحطام الدار، والحلم.

مازلنا نحلم بدفء الفراش وشمس تحنو علينا، مازالت أصواتنا تغطس فى فحم الليل، وبقايا ظل وطن مستباح، الملح فوق شفاهنا تكلس، والأغنيات قد خمدت، لم يبقَ إلا صوت الدم المغموس فى سادية المحتل، وسقط الخيال واندس فى بئر الفجيعة، والفراغ سلب هواءه وما عادت العيون تبلغ المدى، وانمحت معالم الطريق وبقيت ضوضاء الحرمان والهجر، والظل يتبع قرينه فى صمت، ترافقنا المسامرة، مسامرة النفس للنفس، وموت مجازى.

نحن الحاضر الغائب تبتلعنا هشاشة الحائر المنفى، نتلوى من وخزات الشوك، ومن وخزات سلام لا يتحقق أبدًا، ويمتد الحصار بنا، ويقيد خطوات الليل ويجعل القلب حجرًا على الحافة، خطوة، خطوتان، ثلاث خطوات، تصير الحقيقة كذبًا والكذب حقيقة، ويطول الطريق ويقصر، والغزاة هم الغزاة، فقط تتبدل الملابس والأحذية، طال ليلنا فى الشتات، ونحن نلف فى البرارى الموحشة، نسمع وقع خطانا المحطمة، وتحاصرنا عيون الشهداء، حاملين أكفان موتانا، ونضحك نضحك حتى نزغرد، علمونا «انتظار الأمل»، ولكنهم لم يعلمونا كيف نخفف من وطأة الحصار الجسدى والمعنوى، وكيف ندرب أنفسنا على حب الحياة، وكيف نضىء ليلنا المعتم المبلل بدمع الضحايا؟، أتعرفون ماذا أورثونا؟، أورثونا حكمة الموت والحياة معًا، أورثونا كيف نموت على طريقتنا الفلسطينية الخاصة، وكيف يصبح موت الشهيد فرحًا تزغرد فيه أم الشهيد وأخت الشهيد، بينما تغلق كل النوافذ المفتوحة كلما أرادت حمامة السلام الدخول، وتضيق علينا الأرض لتحاصرنا لعنة الزمن، وكذب مَن يكتبون التاريخ، ومَن يحرفون النشيد الملحمى: «أنا الفلسطينى»، الحاضر الغائب أبدًا، الحقيقة والكذب معًا، الليل والنهار سويًّا، كل شىء وعكسه يعملان بقوة، وتعب السفر الطويل، أحمل الوطن على أكتافى المثقلة، خذلتنى حكمة الأجداد العتيقة، لا ظل لى ولا قمر، لم أعد أسير فى رؤياى وطريقى، كل شىء أصبح منفيًّا تمامًا وبوضوح، لا شعر ولا نثر ولا سرد ولا قصائد تفيض من ليلى، لا مطر يبللنى ولا النار التى أوقدها، لا حب يعبر دمى، إنه زمن العبث القاتل، زمن الجفاف وسبع من السنوات العجاف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التغريبة الفلسطينية التغريبة الفلسطينية



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon