توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صاعدون لكي يربو الأمل

  مصر اليوم -

صاعدون لكي يربو الأمل

بقلم - عزة كامل

فى هذا النهار القاسى، وبعد هدنة هزيلة، يتواصل القذف برًّا وبحرًا وجوًّا، إنها عقدة الكبت التاريخى لمذبحة النازية، «أنا الصهيونى أُقتل، إذن أنا موجود، ولابد من الإبادة الجماعية الوحشية للبرهنة على وجودى»، أذكر حديث صديقتى الفلسطينية: هنا وسط التوحش والدمار، الفلسطينيون صاعدون إلى الله، يربون الأمل، حياتنا عبء على الصهاينة.

جرح غزة أصبح ندبة عميقة فى القلب، أطفالنا لا يستحمون بالماء ولكنهم يستحمون بالقذائف والدم، يتفرقون فى رحلة التيه والشتات، يهربون من موت إلى موت، الزمن والتاريخ يتآمران علينا، لا وقت لتشييد القبور وتأثيثها، فكل أرض الوطن أصبحت قبرًا كبيرًا، لا وقت لطقوس العزاء، فالبرابرة لا يمهلون الوقت للحزن، كأن الموت يتحول إلى مادة لانفجار حياة الطغاة لتدشين مدن جديدة على أنقاض مدينتنا، يدفعوننا إلى حمل أحزاننا لنركض نحو المجهول إلى رياح المنافى، لا حضن نرتاح له، ولا صدر نبكى عليه، يريدون طردنا من المكان ومن التاريخ بلا أى حساب ولا ضمير، وكل منّا اكتنز بالرعب من انتظار الموت والدمار فى أى لحظة.

لا نعرف متى ستأتى القذيفة أو الصاروخ أو طلقة القنّاص المتربص بنا، عقارب الساعة تمضى سريعًا، لا أحد يقدر على استمهال الزمن، عقارب الزمن تمضى سريعًا، لا وقت يكفى لوداع البيوت والشوارع والأموات، وشهداؤنا صاروا أرقامًا فقط، كل شىء قيد التخمين والانتظار، لا شىء يمر أمام عيوننا إلا سيل الدم الساخن، وكأننا عابرون فى أشلاء عابرة، لا نستطيع ترميم ما انكسر من الزمان والروح، يكبر الوجع فينا، وتكبر رائحة مدننا، رائحة الحنين والمنفى والتهجير، وتختلط هذه الروائح برائحة أشجار الزعتر والمريم والليمون والبرتقال والزيتون والخبز الطازج والحليب الساخن، ويصم آذاننا أنين الأطفال المدفونة تحت الأنقاض، هؤلاء الأطفال الذين لم ينهوا طعامهم ولا لعبهم، وصراخ الأم المكلومة.

ونرهف السمع إلى صوت صراخنا، فنصرخ ولا يخرج صراخنا، وكأننا فى كابوس طال زمنه، كابوس لا نصحو منه أبدًا، يأخذنا إلى سحابة سوداء ليبتلعنا دخانها المسموم، نحاول أن نعثر على هويتنا المهددة بالفناء، وحلمنا الذى يفر منّا بعيدًا، وتختلط علينا كل التواريخ والأساطير، فنمضى إلى المجهول الغامض، ونحاول أن نعتصر الذاكرة بهشاشة المنفى، وننظر إلى المرآة الشاهدة، فلا نتعرف على أنفسنا المشتتة، نرى فقط بحيرة دماء لا يبلغ البصر مداها، ونشوة العدو من مشهد الجثث وهى ترتجف رعبًا وهلعًا من آثار الذبح، ومع ذلك يا صديقتى الحبيبة: «الفلسطينيون صاعدون إلى الله يربون الأمل».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صاعدون لكي يربو الأمل صاعدون لكي يربو الأمل



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon