توقيت القاهرة المحلي 08:25:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخلود في حضرة الموت

  مصر اليوم -

الخلود في حضرة الموت

بقلم: نشوى الحوفى

هل تابعت مثل ملايين العالم حدث نقل 22 مومياء ملكية إلى مرقدها الأخير من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارات بمصر القديمة؟ هل أدركت عظمة تاريخك الذى خلّد العلم فيه جثامين من منحوه الفخار رغم مرور ما يزيد على خمسة آلاف عام على موتهم؟ هل توقفت للحظات أمام تساؤلات نفسك وأنت تفكر فى هؤلاء الملوك والملكات وسيرتهم الممتدة عبر كل تلك السنوات بين استشهاد لتحرير أرض كسقنن رع، أو طرد محتل كأحمس، أو لردع غازٍ فى ليبيا وعند حدود مصر الجنوبية كأمنحتب الأول، أو لمد نفوذ واستكشاف أرض وحماية منابع نيل كحتشبسوت، أو إعمار الأرض بالهندسة والطب والحكمة كأول مهندس معمارى فى العالم، أو لإعادة فرض السيطرة المصرية فى الشام وعلى حدود مصر كسيتى الأول؟

هل أدركت حكمة مكان متحف الحضارات فى الفسطاط أول عاصمة بعد الفتح العربى لمصر ودخول الإسلام لها؟ هل أدركت سعة الرسالة المحمدية لاستيعاب حضارة القبط الذين أوصى بهم رسول الإنسانية خيراً، فمنهم رحماً أم العرب هاجر القبطية من قبل المسيح، زوجة خليل الله إبراهيم، التى خلّد الله سعيها بين جبلين ليكون أحد أسس الحج المذكورة بالقرآن رغم أنها لم تكن تتعبد أو تدعو الله، هى فقط كانت تسعى لإحياء الوليد بيقين أن من أتى بها لن يخذلها. ومنهم خير أجناد الأرض فهم فى رباط ليوم الدين. هل أدركت حكمة المكان الذى حوى بطمأنينة جثامين من حموا بلادنا بترحاب وتطوير وتنمية؟

هل شاهدت وقائع الانتقال من التحرير المُزيَّن بمسلة فى قلب العاصمة القاهرة تحيط بها كباش الأقصر فى مهابة وإبهار؟ هل شاهدت جمال الموكب وعظمته وجلاله وهو ينتقل عبر طريق تتنوع فيه آثار التاريخ بين قاهرة الخديوى وقاهرة صلاح الدين وأخيراً فسطاط ابن العاص؟ وذلك بعضٌ ضئيل من كل. هل أبهرتك ملامح الاحتفال وجمال المتحف وتصميمه وطرق العرض به؟ هل استمعت لأصوات آلات الفن المصرى وهى تعزف معزوفات مصرية عالمية بأصوات لا مثيل لها فى الكون برقى وثقافة؟ هل شاهدت عظمة بلادك وأحسها قلبك واستيقنتها روحك؟

هل لاحظت ذلك المشهد الذى وصلت فيه المومياوات لمتحف الحضارة حين انطلقت 21 طلقة لتحية الموكب الملكى فى إجلال مهيب اللحظة؟ هل رأيت مبادرة رئيس مصر العظمى وهو يسرع ليكون فى استقبال الموكب الملكى عند بوابة المتحف أثناء عبور التوابيت لمقرها الأخير؟ هل أيقنت المعنى من ذلك المشهد؟ أقولها لك: رئيس مصر الحالى صانع نهضتها الحديثة حامى حدودها ومطوِّر جيشها وطارد هكسوس زماننا، يقف إجلالاً وتكريماً لمن سبقوه فى صناعة تاريخ بلادنا وحماية أرضنا. مشهد كان يقول ببساطة: التاريخ يعبر أمام الحاضر بعظمته، يؤكد على الحاضر ما عليه فعله، يعضّد قوته ليترك للمستقبل ما يستحق الخلود.

ربما يرى البعض ما حدث مجرد نقل مومياوات تاريخية، ولكننى أراه عنواناً لدولة ضاربة فى جذور التاريخ، متواصلة الإنجاز والإعجاز. دولة تعلن للعالم بين الحين والآخر عن هويتها الحاوية للتنوع والتى لا يمكن طمسها.

تحيا مصر بتاريخها وحاضرها البانى لمستقبلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخلود في حضرة الموت الخلود في حضرة الموت



GMT 07:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 03:54 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

عاربون مستعربون: لورانس العرب والصحراء

GMT 03:51 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

هل من أمل في مفاوضات سودانية؟

GMT 03:47 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

سلِّموا السلاح يَسلم الجنوب!

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon