توقيت القاهرة المحلي 13:00:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سينما من أجل القطط!

  مصر اليوم -

سينما من أجل القطط

بقلم - طارق الشناوي

ما الذي يعنيه بالضبط أن تعرض أفلاماً ولا يشاهدها أحد، أو تطبع أغاني ولا يسمعها أحد، وكأنها إبداع سري غير قابل للتداول؟ مثل هذه الأعمال تموت عادة مع الزمن، متأثرة بالسكتة الجماهيرية!
عندما تسأل صناعها، يقولون لك: «مش ح تنازل عن قناعاتي الفنية والفكرية حتى أصل للناس، سأقدم لهم أفكاري من دون «تحابيش» زائفة. لن أضع لهم غطاء من السكر حتى أجذبهم، هل أتناقض مع قناعاتي من أجل نجاح كاذب؟
لم يطلب أحد من المبدع أن يقدم نغمة تجارية، ولكن نغمة جماهيرية، والفارق شاسع،. من يملأ العمل الفني بالمشاهد الخارجة عن السياق العام، مرفوض قطعا، ولكن المطلوب أن يضع في المعادلة أثناء تنفيذ الفيلم الجمهور، وكيف يتعاطى مع المصنف الفني.
في الماضي كانوا يبيعون الأفلام للموزع الخارجي، والمقصود به من يتولى بيع الفيلم خارج مصر في الدول العربية. وكانت الخطة المتبعة في التسويق، تنحصر في فن يؤكد المنتج المصري أنه سيضمن للموزع خمس خناقات بين فريد شوقي ومحمود المليجي، أو ثلاث رقصات لتحية كاريوكا، أو سامية جمال، أو خمس أغان لفريد الأطرش أو ليلى مراد، وهكذا يرصد الموزع أمواله وهو مطمئن.
طبعا هذا مرفوض تماما، لأنه يحيل الفن إلى معادلة حسابية. في حوارات سابقة، قال لي المخرجون الكبار الثلاثة، صلاح أبو سيف، وحسن الإمام، وكمال الشيخ، ومن دون أي اتفاق مسبق بينهم، إنهم يحرصون على الذهاب يوميا إلى دور العرض، ليشاهدوا كيف تقبل الجمهور الفيلم، أو حتى كيف عبر عن انزعاجه. روى لي أبو سيف أنه كان يشاهد في الستينيات فيلمه «بين السماء والأرض» الذي كانت تجرى أغلب أحداثه داخل مصعد، ووقف مع تتر النهاية، في آخر الصالة، ليجد متفرجا يأتي إليه مسرعا وأمسك «الجرافت» حول عنقه قائلا له: «حرام عليك خنقتنا». واعتبر أبو سيف أن هذه هي أكبر شهادة إيجابية تلقاها من الجمهور، رغم أنه كاد أن يفقد حياته، إلا أنه نجح في أن ينقل الإحساس بالاختناق للجمهور.
وقال نجيب محفوظ في أحد حواراته إنه لو اكتشف أن التعامل مع الرواية سيصبح مثل التعامل مع الصحف، حيث تعودوا في الريف المصري مع زيادة معدلات الأمية، أن هناك من يقرأ الصحيفة للجمهور، واللغة التي تصاغ بها عادة المادة الصحافية، أقرب إلى ما يمكن أن نطلق عليه «اللغة الثالثة»، التي تقف بين الفصحى والعامية، أكد أديبنا العربي الكبير أنه لو كانت تلك هي الطريقة التي يتعاملون معها في الرواية لغير على الفور من أسلوبه ومفرداته ليصبح على موجة الناس.
في مصر كثيرا ما تعرض أفلام يطلقون عليها مستقلة، عدد منها بالفعل يحصل على جوائز، إلا أنه في النهاية لا تحقق رواجا جماهيريا، وكأن شيئا لم يكن.
ليس مطلوبا من الفنان أن يقدم قطعا مفردات تجارية، أو يبحث عن المشاهد الساخنة ليرضي فئة ما الجماهير، ولكن عليه ألا يصنع فنه من أجل المقاعد الخاوية. المخرج حسين كمال قال إنه بعد فيلمه الأول «المستحيل» عندما ذهب لدار العرض لم يجد جمهورا، ولكن عدد من القطط هي التي احتلت الكراسي، وأخذ يبكي حسرة على طاقته المهدرة، وقرر بعدها أن يصنع سينما للناس، وحقق فيلمه «أبي فوق الشجرة» الذي لعب بطولته عبد الحليم حافظ أعلى إيرادات حققتها السينما المصرية طوال تاريخها، ولم يعثر على القطط!

 

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سينما من أجل القطط سينما من أجل القطط



GMT 03:48 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

قلنا: تفكير.. قالوا: تحصين وتكفير

GMT 03:47 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

فتح ملف الصناعة (١) «القانون هو الحل»

GMT 03:45 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

حسام حسن غلط فى دوري!!

GMT 03:36 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

د. أسامة السعيد.. هل يصبح خليفة سعيد سنبل؟!

GMT 03:25 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«الجن» برىء من الحرائق

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:30 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة إعداد ورق عنب مع كوسا وريش

GMT 08:40 2014 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التونة والدجاج تساعدان في زيادة خصوبة الزوجين

GMT 08:42 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريم البارودي تبدو أنيقة في بدلة وردية اللون

GMT 05:38 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور محمود الموجي يُبيّن أسباب رائحة الفم الكريهة

GMT 20:55 2014 الخميس ,14 آب / أغسطس

استقرار اﻷوضاع اﻷمنية في شوارع الأقصر

GMT 05:44 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مربى التفاح بالقرفة

GMT 16:29 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شركة سكودا تطلق الجيل الجديد من موديل سوبيرب

GMT 11:12 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

حمو بيكا يدعم طفلة مريضة سرطان ويقدم لها هدية

GMT 16:42 2021 السبت ,12 حزيران / يونيو

فساتين صيفية بتصميمات مُريحة من وحي النجمات

GMT 17:36 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

تراتيل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon