توقيت القاهرة المحلي 21:07:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثروت عكاشة عقل ضابط وقلب فنان!

  مصر اليوم -

ثروت عكاشة عقل ضابط وقلب فنان

بقلم : طارق الشناوي

تولى د. ثروت عكاشة وزارة الثقافة مرتين، الأولى فى 58 وحتى 62، وكان يضاف لوظيفته (الإرشاد القومى)، والمقصود الإعلام، فلم يكن هذا التعبير قد تم تداوله بعد، وللتوثيق د. عبد القادر حاتم، طبقا لروايته، هو أول من نحت هذا التوصيف.

المرة الثانية من 66 إلى 70، وهى الأكثر حساسية، لأنها واكبت هزيمة 67، التى أيقظت مصر، بقدر ما توحدت المشاعر حول عبد الناصر متمسكة ببقائه، بقدر ما حملته الهزيمة وتبعاتها الثقيلة.

سمح الوزير، من خلال مؤسسة السينما، بهامش من الانتقاد للنظام، قرأ بالطبع أن الرئيس يوافق ضمنا، سمحت الدولة بأفلام مثل (القضية 68) و(ميرامار) و(غروب وشروق) وغيرها، نضيف لها أيضا (المومياء) أنتج 69، ولم يعرض جماهيريا إلا بعدها بأعوام، السيناريو تقدم به شادى عبد السلام لمؤسسة السينما، ورأى سدنة الوزارة أنه يضرب فى مقتل توجه عبد الناصر العربى، لأنه يتناول بطريقة غير مباشرة مصر الفرعونية.

الهزيمة عادة تدفع الضمير الجمعى فى لحظات عصيبة إلى التفكير مجددا فى الجذور، من بينها تاريخنا المطموس فى ظل توجه عربى، أراده عبد الناصر لتأكيد زعامته على كل المنطقة.

د.ثروت بعقل ضابط وقلب فنان، وجد أن (المومياء) يذكرنا بالجذور، ولكنه لا ينفى عن مصر انتماءها العربى، فهو يتناول حوادث الاتجار بـ(المومياء) فى نهايات القرن التاسع عشر، يلقى بظلاله على تاريخنا موقظا مصر الفرعونية، والتى كانت قد سكنت خجلا أو خوفا، تحت ركام التوجه العربى، أغلب المؤسسات المصرية كانت ولا تزال تُطلق على نفسها قومى، تابع اسم قومى لصيقا بأجهزة تنظيم الأسرة والمراكز السينمائية وغيرها، حتى التليفزيون عندما انطلق عام 60 حمل لقب (العربى)، تحمس د. ثروت لتنفيذ الفيلم رغم أن لجان القراءة كانت لها تحفظات سلبية، أصبح الآن هو الفيلم رقم واحد عربيا.

موقف آخر تعرض له بعد 67، وهو مقاطعة السينما الأمريكية، رغبة سياسية مدعمة بتوجه شعبى، يرى أن الشيطان هو كل ما يحمل الجنسية الأمريكية، كان الفيلم الأمريكى ولا يزال يحقق رواجا ضخما فى الشارع المصرى، أصدر الوزير تعليماته بالمقاطعة استجابة للدولة وللشعب، بينما الرقيب فى ذلك الوقت، المستشار والناقد الراحل مصطفى درويش، كان له رأى آخر، وهو أن مزاج الناس ووجدانهم يفرق بين كراهيتهم المفرطة للرئيس الأمريكى ليندون جونسون وحبه الجارف لمارلين مونرو!!.

قرار مؤقت بالمقاطعة، وبعد بضعة أسابيع عاد الفيلم الأمريكى يملأ دور العرض، وفى الحالتين منع التداول ثم السماح به، كان د.ثروت يجيد قراءة نبض الناس وتوجه القيادة السياسية.

عندما تعثر المخرج يوسف شاهين والكاتب سعد الدين وهبة فى تقديم فيلم (ثومة) بسبب إصرارها على عدم الاقتراب من قلب أم كلثوم، الذين أحبوها وأيضا الذين أحبتهم، لجأوا إليه إلا أنها قالت: (بعد رحيلى قدموا ما يحلو لكم ولكن وأنا على قيد الحياة لن أسمح)، ورغم ذلك طلب استكمال الفيلم، الذى توقف بعد أن غادر عكاشة الوزارة، لأسباب أخرى.

لم يكن د. ثروت عكاشة مجرد وزير كفء أرسله القدر فى لحظة زمنية مصيرية، بل هو صانع البنية التحتية للثقافة المصرية، وهكذا جاء احتفال الوزارة والوزيرة د. إيناس عبد الدايم بـ100 عام على ميلاده، باقة ورد على صدر من يستحق كل جناين الورد فى أرض مصر المحروسة!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثروت عكاشة عقل ضابط وقلب فنان ثروت عكاشة عقل ضابط وقلب فنان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 04:47 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

معرض الدوحة الدولي للكتاب ينطلق في 9 مايو

GMT 07:50 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

حادث تحطم عنيف لأغلى سيارات فيراري على الطريق

GMT 16:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق طنطا يودع الكأس بالخسارة من الحدود بثنائية

GMT 23:43 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

"الجِفْتُون" و"الزَّبرجد" أهم جُزر "البحر الأحمر" السياحية

GMT 07:31 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

10 مطاعم مميزة في الطائف للعوائل تعرف عليها

GMT 10:50 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

شيرين رضا تنتقد قطع الأشجار

GMT 04:56 2019 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"أوبرا عايدة" تبهر الجمهور في الأقصر بعد 22 عامًا من الغياب

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

علماء يعلنون عن خمس قواعد تمنحك عمرًا إضافيًا

GMT 22:40 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

البيت الأبيض يعلن تمسك ترامب بقراره بشأن القدس

GMT 22:44 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

الديوان الملكي السعودي يصدر بيانًا بشأن صحة بن عبدالعزيز

GMT 02:35 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

الفنان أحمد سعد يراهن على نجاح فيلم "على وضعك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon