توقيت القاهرة المحلي 10:17:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحن لا نشبه الآخر!

  مصر اليوم -

نحن لا نشبه الآخر

بقلم : د.محمد الرميحي

كثيراً ما جال بخاطري سؤال هو، هل قيمة التسامح خارجة عن نطاق الثقافة العربية، أم أنها هناك مهملة في الصف الخلفي من ثقافتنا، وتستبدل في عصرنا بالكراهية؟

كثير منا يبني رأيه عن شخص (رجل أو امرأة) من خلال الشكل فقط، فإن كان مظهره كرجل ملتحياً، أو امرأة محجبة، يتم إصدار الحكم عليه أو عليها من خلال الشكل، فقد يكون رجلاً يوثق به للبعض، أو تكون نقية طاهرة، وللبعض الآخر شخصية تثير الشكوك، وعلى العكس من ذلك فإن كان الرجل حليقاً والمرأة سافرة، قد يراه البعض أو يراها غير ذي ثقة، ويرى آخرون أنه الرجل أو المرأة التي تستجلب الثقة. كلا الحكمين معياريان من الخارج قد يوصلان إلى نتائج سلبية.

في التراث الأدبي العربي، (الرجال مخبر لا مظهر) وكذلك النساء، فلا يجوز التسرع في إعطاء أحكام معيارية لأشخاص من خلال المظهر الخارجي، وقد جاء القرآن بتقريع لمثل هذا النوع من الأحكام في قوله تعالى: (عبس وتولى أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى)، رغم هذا التوجيه العظيم، إلا أن الثقافة السائدة لم تستوعبه، لذلك جاء في الشعر العربي باب (الهجاء) أو (المديح) المرسل من أكثر الأبواب غنى، مقارنة بالثقافات العالمية الأخرى.

فنسمع شاعراً يقول (لنا الصدر دون العالمين أو القبر)، وآخر يقول (غض الطرف إنك من نمير، فلا كعباً بلغت ولا كلابا)، وهو موقف قيمي خاطئ، يسفح قيمة المساواة، وقيمة (أنت ما تفعل وليس من أي أب أتيت) وننسى قول شاعر آخر (ضعاف الأسد أكثرها زئيراً... وأصرمها اللواتي لا تزير).

إذا نظرنا إلى الصورة بشكل أوسع، فإن الكثير من الصراعات حولنا التي نشهدها اليوم هي انطباعات قد تكون خاطئة عن الآخرين وتحمل كراهية غير مبررة، بعضنا لا يتورع أن ينسب خصالاً سلبية لجنسية معينة، أو خصالاً إيجابية لجنسية أخرى، ذلك تعميم ذميم على الجماعات وعلى الأفراد. فإن كان لك تجربة سلبية مع فرد من جنسية معينة، فإن تعميم سلوك تلك الشخصية على جميع أفراد مجتمعه ليس خاطئاً فحسب، ولكنه ظالم أيضاً، والعكس صحيح إن كان لك تجربة إيجابية مع جنسية معينة، فتحفّظ عن التعميم، تحوطاً، فقد تجد، وهو الأساس، الصالح والطالح في كل مكان.

لقد أخذ ذلك التعصب الكريه مجتمعات إلى صراعات طويلة، وإلى مواقف طائفية وعرقية ولغوية، وأيضاً لونية، وتم تعميم الرذائل بسبب المعتقد أو اللون أو حتى اللغة، وكثيراً ما نسمع نصائح من البعض إن كنت في مدينة غربية متعصبة، عليك ألا تتكلم العربية في مكان عام مع رفيق لك، لأن ذلك يثير حفيظة آخرين بمجرد أن يسمعوا مفردات لغتك، من هنا أصبح الحديث عن الإسلاموفوبيا كمثال أو عن اليهودية أو المسيحية أو السيخية أو البهرة، أو الهندوسية أو أي ديانة أخرى، حديثاً يقبل من البعض مقروناً بكراهية تلقائية.

شرور الصراعات التي حولنا والحروب الأهلية بجانب دوافعها السياسية، تغطى وتسوق عرقياً ومذهبياً وطائفياً ودينياً، لأن تلك العوامل هي الأكثر إثارة للتعصب، وينساق كثيرون وراءها طوعاً لحرب الأهل والجيرة والمواطنة، وتتمثل أمامنا في الحرب الضروس في السودان، وفي اليمن وليبيا وسوريا وغيرها من بلداننا التي نُكبت بجرثومة التعصب، من هنا فإن الدعوة إلى فكرة التسامح، وأن الآخرين لا يشبهوننا بالضرورة، يدعونا إلى التفكير بأهمية بحث تدريس منهج التسامح في مدارسنا، والتأكيد على أن البشر مختلفون، ولكن أيضاً متعاونون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن لا نشبه الآخر نحن لا نشبه الآخر



GMT 09:56 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

مهلة جانتس

GMT 09:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

السؤال الذى أبكى الملايين؟!

GMT 06:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

فى المشمش!

GMT 06:51 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

الأصدقاء وذكريات لا تعنيهم

GMT 06:48 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

كهفُ الفيلسوف.. وحبلُ الفيل

الفساتين الطويلة اختيار مي عمر منذ بداية فصل الربيع وصولًا إلى الصيف

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:57 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

فنانة لبنانية أنهكها العمر ولم تعد تستطيع الحراك

GMT 05:22 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

سان جيرمان يُغري أنطونيو كونتي براتب ضخم

GMT 05:34 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

كايا جيربر تخطف الأنظار بإطلالة من "شانيل"

GMT 11:10 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

لورا ويتمور تجذب الأنظار إلى إطلالاتها السوداء

GMT 09:40 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

تعرفي على كيفيّة العناية بالشعر القصير لينمو بكثافة

GMT 22:12 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

الإنتاج الحربي يتخطى دجلة بهدفين دون رد فريق

GMT 17:30 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

لوكاكو يتطلع لتوقيع عقد رعاية مع إحدى الشركات الرياضية

GMT 22:34 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمة مسرح مصر ويزو تحتفل بزفافها في التجمع الخامس الإثنين

GMT 08:47 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

ماركو رويس يكشف عن طموح ألمانيا في يورو 2016
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon